كتب محمد بو مجاهد في "النهار"
زيارة مقرّرة سيقوم بها رئيس الحكومة نواف سلام في طائرة الذهاب إلى الأردن الأسبوع المقبل، بعدما كشّح وحكومته التلبّد السياسيّ مع إقرار بند حصر السلاح، وأصبح في إمكانه إلقاء نظرة من على مدرج مطار بيروت مع تنفّسه الصعداء في رحلة تأخذ أهدافاً لا تخلو من الطموح إلى إحراز انتعاش سياسيّ في ملفّات مشتركة بين البلدين. في معطيات رسمية تلخّص أجواء رئاسة الحكومة اللبنانية لـ"النهار"، إن زيارة سلام المقررة إلى الأردن ستبحث في الملفات اللبنانية - الأردنية المشتركة بما فيها ملف النزوح السوري الذي يعتبر مهماً للدولتين اللتين تتشاركان أولوية إرجاع النازحين إلى سوريا وسط ملف إقليميّ.
ولن تغفل زيارة سلام الملفات الاقتصادية أيضاً وسط طموح حكوميّ لبنانيّ لأن تكون الحدود الأردنية مع سوريا ممرّاً اقتصادياً لتجارة "الترانزيت" اللبنانية إلى دول الخليج العربيّ. وسيتمحور التعويل على أن تضطلع الدولة الأردنية بوساطة مع الدولة السورية في ملف إرجاع النازحين السوريين.
لكن، لا تحبيذ على مستوى رئاسة الحكومة للمقارنة بين زيارة سلام العتيدة والمحادثات الأردنية - الأميركية - السورية التي حصلت في عمّان لبحث الأوضاع في سوريا وسبل دعم الدولة السورية وضمان أمنها. وثمة تأكيد على أن زيارة سلام فحواها خاصّ بالدولتين اللبنانية والأردنية، وليس بالمحادثات الإقليمية حيال الاوضاع الأمنية السورية بعد مواجهات السويداء، والتوصل إلى اتفاق ينهي الاقتتال والبحث في كيفية تثبيت وقف النار. ولا ترجيح حكوميّاً لبنانياً أن يضطلع الأردن بمهمة وساطة بين لبنان وسوريا في ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين، لأن هذا الملف في عهدة المملكة العربية السعودية التي حثّت بيروت ودمشق على ترسيم الحدود ولا تزال تتابع مجريات التنسيق الأمني اللبناني - السوريّ.
كذلك، أكدت المعطيات الرسمية لوزارة الخارجية اللبنانية لـ"النهار" أنّ رئيس الحكومة طلب من وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي مرافقته في زيارته إلى عمّان. وستكون الزيارة رسمية من دون ترجيحات أن يشارك المبعوث الاميركي الى سوريا توم براك في الاجتماع اللبناني في الأردن، لكنه سيحضر في جولة خاصة إلى لبنان وسط معطيات أنه طلب مواعيد للقاء مسؤولين لبنانيين بمن فيهم وزير الخارجية اللبناني خلال الأسبوع المقبل.
يُذكر أنّ رجي كان شغل مركز سفير لبنان في الأردن قبل تعيينه وزيراً للخارجية، ولديه علاقات راسخة بالدولة الأردنية،
وكان تبلّغ من السلطات الأردنية أن إسرائيل تنوي خوض حرب شرسة ردّاً على مشاركة "حزب الله" في جبهة إسناد قطاع غزة وأبلغ الدولة اللبنانية تلك التحذيرات في حينها. ويضطلع رجّي حالياً بمهمات ديبلوماسية وسط تناغم مع رئيس الحكومة في المواقف الاستراتيجية السيادية، ما يعطي الحكومة زخماً هادفاً إلى إنجاح الزيارة، فيما لم تكن حكومات سابقة متعاقبة قد شهدت انسجاماً استراتيجياً بين رئيس الحكومة ووزير خارجيته.
رغم عدم تحبيذ رئاسة الحكومة اللبنانية إلحاق الزيارة اللبنانية إلى الأردن بالاجتماع الإقليمي الأميركي - الأردني - السوري، لكن أهداف الولايات المتحدة في العدسة السياسية الموسّعة على مستوى منطقة الشرق الأدنى، تأخذ من الاستقرار الإقليميّ الشامل أولوية كبرى مع خيارات خاصة أيضاً لكلّ من لبنان وسوريا والعراق وقطاع غزة. وثمة من يعوّل على أهمية الأردن على مستوى دوليّ مراقب كدولة تشكّل عصباً بين الدول العربية وإسرائيل، ويمكن أن تساعد في استقرار سوريا. وهناك معطيات عن ضغط من الرأي العام الإعلامي والسياسي في الولايات المتحدة لأهمية استيعاب الإثنيات والمشارب الطائفية المتنوعة في الدولة السورية، على أن يبقى دعم النظام السوري الجديد مشروطاً بضبطه الأوضاع وحماية الإثنيات المتنوعة وإعطائها حقوقها في المواطنة. هذا الموقف الأميركي تأكّد نتيجة تواصل قوى ناشطة لبنانية أميركية مع أعضاء من لجنة الاستخبارات في الكونغرس الاميركي. وإذ تبحث الولايات المحدة عن إنهاء تداعيات أزمة السويداء، يأخذ توماس براك على عاتقه العمل بحسب المصلحة الاميركية المتمثلة في إنهاء الحروب في منطقة الشرق الأدنى، مع ثناء أميركي ملحوظ على مقررات مجلس الوزراء اللبنانيّ حصر السلاح، وتحضير الولايات المتحدة مقترحات في ملفات عدة ستبحث مع السلطات اللبنانية.