للأسف في عالمنا الشرقي والغربي وبمعايشتنا للأحداث السياسية والعسكرية غالبا ما نكون مشاهدين “راكدين” وفي أحسن الأحوال منفعلين امام ما يقدم لنا من معلومات حتى لو كانت”معلّبة” “مفبركة” وفي كثير من الاحيان “مضللة”
وحده التفاعل العميق الناشط فكريا وسياسيا تجعل معايشتنا لأي حدث أو خبر واعية كاشفة لبواطنه وخلفياته ولما يُمرّر من خلاله وتحت عباءته او “شمّاعته”
وانطلاقا من هذه المقدمة نقفز الى ما سبق ولحق بالنزوح السوري الى لبنان وبمسبّباته الحقيقية ومسبّبيه المباشرين المعلومين.
لقد بدأت الأزمة السورية ثورة شعبية مطلبية سلمية في آذار 2011 لحقت بالثورات التونسية والمصرية والليبية وغيرها…
وعن سلمية الثورة السورية يقول نائب الرئيس السوري آنذاك فاروق الشرع في 17 كانون الاول 2012 في مقابلة مع
صحيفة الأخبار القريبة من النظام السوري وحزب الله:
“في بداية الأحداث كانت السلطة تتوسل رؤية مسلح واحد أو قناص على أسطح إحدى البنايات، الآن السلطة وبكل أذرعتها تشكي حتى إلى مجلس الأمن الدولي ـ كثرة المجموعات المسلحة التي يصعب إحصاؤها ورصد انتشارها.”
وفي قراءة لخلفية ما ذكره نائب الرئيس السوري نلاحظ ان الشرع لم يأت في العام 2012 على ذكر لا تكفيريين ولا متطرفين ولا اصوليين من ضمن المسلحين…والذين لم يكونوا الا “الجيش السوري الحر” وهنا نقفز الى ما ادعاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وفي تبرير ذهابه الى سوريا اذ يقول في 25 أيار 2013″اننا دخلنا منذ فترة وفي الاسابيع الاخيرة دخلنا ودخلت المنطقة في مرحلة جديدة” هذا يعني انه دخل قبل ايار 2013. وفي 25 ايار اعلن السيد انه دخل الى سوريا منذ اسابيع واذا عدنا الى نيسان 2013 قبل 20 يوما من كلام نصر الله، اعلنت داعش عن اول وجود لها في سوريا وعن اتحاد دولة العراق والشام، يعني انه عندما دخل السيد الى سوريا وكان تعداد داعش كما يقال نحو 200 الى 300 عنصر شيشان وافغان موجودين في ريف حلب الشمالي وادلب وببعض مناطق الحسكة، وكانت النصرة في وقتها حسب كل التقديرات الغربية بين 1200 و 1700 مقاتل، كانت موجودة في ريف ادلب وارياف دير الزور وببعض مناطق قليلة من الحسكة”
ليؤكد في 18 تشرين الاول 2015
في حسن نصرالله: نقاتل منذ أكثر من 4 سنوات بوجه المشروع التكفيري”وقدمنا الشهداء..
في حين انه في 2011 لم يكن هناك لا مسلحين ولا تكفيريين ولا من يقاتلون ولا من يكّفرون على ما جاء في مقابلة الشرع مع صحيفة “الأخبار”.
وهنا لا بد من الكشف والتعمق في قراءة ما آلت اليه الثورة السورية بمراحلها وصولا الى المنعطف المتطرف التكفيري مع داعش والنصرة وهذا المنعطف يحمل اسم “مرسوم العفو الرئاسي رقم ٦١” بتوقيع الرئيس بشار الأسد تاريخ
31 أيار من العام2011 والذي اطلق معه مئات من المحكومين المجرمين المدانين ولم يكن هؤلاء الذين أُفرج عنهم جنودًا ومقاتلين وحسب، بل كان من بينهم قادة لجماعات متطرفة “تكفيرية” (كأحرار الشام وجبهة النصرة –التي أصبحت الآن «هيئة تحرير الشام»)، وقيادات تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) من أبرزهم علي الشواخ، المعروف باسم أبو لقمان (داعش)،الذي أصبح والي الرقة، عاصمة التنظيم في سوريا، والمسئول عن عدد من عمليات قطع الرأس، والمساهم بعمليات تمويل التنظيم… وأبو مالك التلة (داعش)وابو محمد الجولاني(النصرة) ونديم بالوس(داعش) وبهاء الباش(النصرة) وقائد جيش الإسلام زهران علوّش وحسان عبود احد زعماء أحرار الشام وأحمد عيسى الشيخ احد قادة الوية صقور الشام…وغيرهم…كثيرون أطلقوا بمراسيم سابقة ولاحقة للمرسوم 61
ومثلما حدث أثناء حرب العراق، فقد ترك النظام السوري قيادات تنظيم الدولة تعبر الحدود تحت عينه وعلمه، بدءاً من تشرين الأول 2011، وتعمل على جمع هذه الخلايا الصغيرة ودعمها ماليًا وقيادتها، الأمر الذي أدى في النهاية بإعلان «الدولة الإسلامية في
العراق والشام» في نيسان 2013.
اذن ان التنظيمَين التكفيريين الإرهابيين ما هما الا نتيجة وصنيعة النظام السوري ومن خرّيجي “سجونه” ومن العاملين “العملاء”-سواء علموا ام لم يعلموا-لصالحه استغلهما في حروبه وفي تجميل وتسويق صورته كونه اقل سوءا منهم.
وللنظام السوري في هذا المجال مجندين كثيرين تخرّجوا سجونه من مثل شاكر العبسي الاردني الجنسية الذي لم يُرحّل الى الاردن بعد اطلاقه بعفو رئاسي من سوريا بل الى لبنان ليسيطر على مخيم نهر البارد ويعتدي على الجيش ويقتل جنوده وليضع حسن نصرالله العبسي والمخيم خطا احمرا بوجه الجيش اللبناني…
وقد هرّب شاكر العبسي سالماً غانماً من لبنان ليظهر في سوريا ومن بعدها العراق كما هرّب ابو مالك التلي ومسلحي داعش مكيّفين معزّزين من لبنان ليستعملوا لاحقا في ادلب ومن بعدها العراق.
كل ما سبق يُظهر لنا ان كل من النظام السوري وحزب الله والتنظيمات التكفيرية قد عملوا بالتكافل والتضامن على قتل السوريين وتدمير ممتلكاتهم وتهجيرهم داخل وخارج سوريا واكثرهم الى لبنان عبر المعابر المفتوحة المُسّهلة من جانب الجيش السوري من الجانب السوري وحليفه حزب الله من الجانبين السوري واللبناني وآخر هذه الموجات قد تكون أخطرها بتعاظم أعداد النازحين بشكل منظم ومنتظم …والملفت الخطر والمعبّر هو بأعمار النازحين “الجدد” اذ هم من الشباب بين عمر ال18 وال25 مما يفتح المجال للتساؤل والتخوف من خطة تحاكي الخطة التي رسمت في مخيم نهر البارد كما تتماهى مع الخطة التي حيكت من سجن صيدنايا ومرسوم العفو الرئاسي 61… خاصة مع المعلومات الأمنية والاعلامية التي تحدثت عن ضبط اسلحة وذخائر في اكثر من منطقة بحوزة النازحين “الشباب”…وتعزّز الاشكالات الأخيرة المتنقلة بين النازحين السوريين “المستقوين” وابناء البلد المخاوف والهواجس والوساوس.
وفي الختام لا نجد الا توصيف الرئيس السابق ميشال عون لما يقوم به كل من النظام السوري وحزب الله في الإقليم وسوريا ولبنان
اذ قال في 7 آذار 2003
في محاضرة له من واشنطن: “سوريا تلعب دور الإطفائي المهووس، فتزرع الفتن بينهم حتى تؤمن استمراية الحاجة الى وجودها”