ظاهرة قتل النساء في لبنان بأيدي ازواجهن سارية لإستعانتها بالشرف الرفيع... الى متى ستبقى المرأة ضحية المجتمع الذكوري المُساهم بجعل القاتل بطلاً...؟!

WhatsApp Image 2022-09-19 at 10.32.03 AM

لطالما كانت جريمة قتل النساء بأيدي أزواجهن ظاهرة مخيفة في لبنان، إتخذت قبل سنوات قليلة طابعاً دموياً تردّد شهرياً واحياناً اسبوعياً، ليشكل خوفاً وهاجساً لدى النساء، خصوصاً في الارياف والمناطق البعيدة والنامية، وتفاقمت هذه الظاهرة اكثر مع بدء الازمة اللبنانية والصعوبات المعيشية والاقتصادية، والانهيارات المالية في العام 2019 ، لتبرز معها صعوبات الحياة بالتزامن مع إنتشار الثقافة الذكورية في معظم المجتمعات اللبنانية، التي ما زالت متفشيّة بقوة، اذ هناك من يعتبر نفسه فوق القانون، فينفذ الجريمة بدم بارد قاتلاً زوجته أو طليقته، من دون خوف لانه يستعين دائماً بجريمة الشرف، التي تعيق سجنه وتخرجه بطلاً بين الناس، ينظرون اليه نظرة الرجل الذي غسل عاره، فيما هو يلجأ الى الطعن بشرف زوجته او طليقته دائماً للتخفيف من عقوبته. ليحصل على تلك البطولة المزيفة… على الرغم من انّ لبنان قد ألغى المادة 562 من قانون العقوبات اللبناني، التي كانت تؤمّن لمرتكب جريمة الشرف الاستفادة من العذر، وذلك موجب قانون اُقرّ في مجلس النواب العام 2011، وبعدها ب3 سنوات تمّ إقرار قانون حماية النساء من العنف الأسري.

الامثلة كثيرة والجريمة واحدة…

أسماء الضحايا تفاقمت منذ العام 2015 مع صعوبة الحياة في لبنان، بسبب الازمات المتتالية، لترتفع بنسبة لافتة مع بدء الثورة اللبنانية في العام 2019، التي ترافقت مع ظروف معيشة صعبة جداً.
من لطيفة قصير الى رولا يعقوب، ليليان علّوه، زينة كنجو، رقية منذر، رنا بعينو زهراء القبوط، سارة الأمين، ومسيرة القتل مستمرة بأبشع الطرق، وبعضها لأتفه الاسباب وامام اعين اولادها، فلماذا كل هذا الحقد والإجرام؟.
على سبيل المثال لا الحصر قتلت الضحية زينة كنجو على يد زوجها، فبرّر جريمته بأنه كان يحاول منعها من الصراخ والغضب خلال نقاشهما، الامر الذي يظهر مدى تساهل الرجل في تبرير جريمته وكأنّ المرأة ليست انساناً!

منظمة " كفى": لإحقاق المساواة

"كفى" هي منظمة مدنية لبنانية غير حكومية، تأسسّت في العام 2005، تهتمّ بالمرأة وتُعنى بملفّ العُنف المُمارَس ضدّها، وتسعى لإحقاق المساواة الفعلية بين الجنسين، وتطالب من خلال حملاتها المتتالية بمكافحة العنف الأسري بشكل عام وخصوصاً الموجه ضد النساء.

الاعور: مساعدتنا للسيّدة المعنفة قائمة على 3 مستويات

وفي هذا الاطار تقول المسؤولة الاعلامية في " كفى" زينة الاعور، في حديث لموقع LebTalks: " نحن كمنظمة نقدّم المساعدة للمرأة المعنفة التي تلجأ الينا، عبر 3 مستويات، مستوى نفسي واجتماعي وقانوني، في البدء نطلب من السيّدة التواصل معنا لمعرفة ما تحتاجه، نحدّد لها موعداً للقاء اخصائية اجتماعية، تستمع اليها وتضع معها الاولوية بعد الإطلاع على حالتها وظروفها، وعلى هذا الاساس يُفتح الملف ونتابع معها كل التفاصيل الاخرى، واذا ارادت تقديم دعوى ضد زوجها نساعدها في ذلك ، إضافة الى تأمين المسكن اذا كانت بحاجة له.
ولفتت الاعور الى انّ حالات العنف ضد النساء الى إزدياد، والوضع الى تفاقم على أثر إعتكاف القضاة، ما أثّر سلباً على هذه القضايا، اذ يوجد العديد من السيدات اللواتي يحتجن الى قرارات بالحماية نتيجة تهديد حياتهن، لكن الازمة الحاصلة ساهمت كثيراً في الحدّ من عملنا في الشق القانوني، وعلى صعيد الخدمات الاخرى فهي مستمرة دائماً.
وذكّرت الاعور بالرقم الساخن ل" كفى" 03018019 او عبر وسائل التواصل الإجتماعي، او التبليغ على الخط الساخن لقوى الأمن الداخلي 1745.

تهديد المحامية المدافعة عن الحق…

الى ذلك تشير احدى المحاميات التي فضلّت عدم ذكر اسمها، لانها تتلقى تهديدات بعدما توكلت ضد قاتل قضى على زوجته بأبشع الطرق، والقضية ما زالت عالقة منذ 3 سنوات.
تقول لموقع LebTalks:" الجرائم المذكورة لم تردع العديد من الرجال من تعنيف زوجاتهن، على الرغم من حملات التوعية والاستنكار، كما لم يشكل قانون حماية النساء من العنف الأسري، أي رادع للحد من هذه الظاهرة المرعبة، وكل هذا يعود الى الثقافة الذكوريّة التي تميّز الرجال عن النساء في اذهان البعض، نظراً لغياب التعليم او العيش في مجتمع متأخر غير حضاري، فضلاً عن عدم التشدّد في العقوبات الذي يعتبر من الأسباب الجوهريّة لاستمرار هذه الظاهرة، لانّ الجُناة لا يعَاقبون بكثير من الأحيان، وإن عوقبوا تكون مخفّضة وسط أعذار وحجج واهية، وبعض القتلة يلوذون بالفرار ويغادرون لبنان ساعة ارتكاب الجريمة، فيما الضحية تبقى تحت التراب وهو يتبجّح بجريمته، كما تلعب الوساطات السياسية في بعض الاحيان دورها، والمطلوب خلق ثقافة حاضنة وداعمة بقوة للنساء، خصوصاً من قبل الدولة.
وختمت المحامية بأنّ الحل الانسب لمعالجة هذا الملف، هو إقرار قانون موحّد للأحوال الشخصية، يساوي بين النساء والرجال من حيث الحقوق والواجبات.

إحصاءات قوى الامن الداخلي وموقع" شريكة ولكن"

تشير التقارير الصادرة عن قوى الأمن الداخلي، الى ارتفاع عدد البلاغات عن العنف الأسري بنسبة 100 في المئة، بعدما وصلت الى 1184 إتصالاً خلال الحجر الصحي في العام 2020، الذي سجّل العدد الأكبر من جرائم قتل النساء.
ووفق إحصاء موقع "شريكة ولكن"، حصلت 13 جريمة قتل ضد النساء في لبنان العام 2019، مقابل 27 جريمة العام 2020، ما يعني ارتفاع الجرائم بنسبة 107 في المئة في ذلك العام، وفي 2021 5 جرائم.
ووفق " الشركة الدولية للمعلومات"، فقد سجّل العام الحالي منذ مطلعه ولغاية اليوم مقتل سيدتين.
على أمل أن تغيب هذه الظاهرة الى الابد، لتشعر المرأة خصوصاً في عالمنا العربي بالإطمئنان مع شريك حياتها ووالد اطفالها.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: