” بعد ناقصني 2000 ليرة لأقدر اشتري كيلو لبنة لعيلتي” جملة باغتتني صاحبتها على حين غفلة، توقعتها إحدى الشحاذات اللواتي يرابضن في أحد أهم تقاطعات الشياح – عين الرمانة صباح الإثنين الفائت ليتبين لي أنها سيدة لبنانية محتاجة وليست إحدى اللواتي اعتدتُ رؤيتهن في تلك النقطة وكأنهن على جبهة في انتظار الإشارة الحمراء.
ما سمعته أنا سمعه أيضاً سائق السيارة التي بجانبي، وبالطبع هي نالت منا ما فيه الخير وذهبت على أمل زوال هذه العادة السيئة التي بدأت تنتشر لدى اللبنانيين واللبنانيات في الآونة الأخيرة، واقع يجعلنا نستذكر ونترحم على شوشو وأغنيته” شحادين يا بلدنا قالوا عنا شحادين”.
هل هذه هي آخرتنا ؟ أولسنا حالياً نشحد البنزين من العامل البنغلادشي على محطة المحروقات؟ والأدوية والحليب من الصيدلية ؟ أوليس ممثلو دولتنا الكريمة يشحدون مساعدات عينية، مالية ، غذائية، أدوية ومحروقات وغيرها على أبواب الدول ؟
هذا على الأرض هنا، أما في الخارج فلا تمر أربعة أو خمسة أيام إلا ونسمع عن لبناني أو لبنانية يرتقيان الى أهم المراكز الطبية والثقافية والإدارية والسياسية والإقتصادية والثقافية حول العالم.
وليت الأمر يتوقف عند “الشحادة” التي ليست من شيم اللبناني ولا من عاداته، فهو بات معرضاً للموت مرضاً أو جوعاً بعدما تم نهب مدخراته في المصارف، وإذلاله في سبيل تأمين 10 ليترات بنزين، ومن لم يمت بهذه أو تلك، قد يموت قهراً بعدما سُدّت كل المنافذ في وجهه.
لن نطيل الكلام، لكن لتعلم المنظومة السياسية ومكوناتها أن تحويلها المواطن الى “شحاد إعاشة” وأن مشهد الآف صناديق المساعدات المسيسة يجرحنا في الصميم، في الداخل والخارج بعدما كان اللبناني بنظر معظم دول العالم ” قصة كبيرة ” ورمزية في العلم والثقافة والجمال وعزة النفس والمال والإبداع”، اليوم أنتم تحولونه الى شحاذ على أبواب الدول…إستحوا على دمكم بقا .