منذ أن أعلن الملياردير ورجل الأعمال الشهير إيلون ماسك استحواذه على تطبيق “تويتر” والأسئلة الكبيرة تتراكم حول توقيت هذه الصفقة وتداعياتها، ليس فقط على حرية التعبير بل خصوصاً على السياسة الأميركية في ظل إدارة سابقة للتطبيق كانت تصطف على خط الديمقراطيين في تلبية متطلبات سياساتهم في وجه خصومهم السياسيين، بحيث أصبح التطبيق في فترة ما بمثابة سلاح سياسي لمحاربة خصوم الإدارة الأميركية الديمقراطية و أعدائها.
بعد استحواذه على “تويتر”، يتساءل كثيرون عن التغييرات التي سيدخلها إيلون ماسك على المنصة التي تعدّ واحدة من أكبر مواقع التواصل الإجتماعي في العالم لاسيما وأن تصريح ماسك بعد استحواذه على “تويتر” بأن “لقد تحرر الطائر” في إشارة إلى الطائر الذي يمثل شعار المنصة، اعتبره كثيرون دليلاً على رغبة الملياردير الأميركي في تقليل القيود على المحتوى الذي يمكن نشره، ما جعل الكثير من المتابعين والمراقبين يقيمون الربط بين هذه الخطوة وخطوة حرمان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من المنصة لعدم توافقها مع سياسة الدولة الأميركية العميقة التي جاء ترامب من خارجها الى الحكم.
وعلى الرغم من مواقف ماسك التي توحي بأن رؤيته لتويتر تتمثّل بجعلها منصة لحرية التعبير، ومشروعاً منتجاً من الناحية الاقتصادية شأن كل باقي مشاريعه، إلا أن أحداً من المراقبين لم يغب عن باله التوجّه الجمهوري لماسك وتحكم هذا التوجّه السياسي لديه في قراراته الاقتصادية وأعماله، وقد سارع أول مَن سارع الى تهنئته والإشادة بصفقة الاستحواذ الرئيس السابق دونالد ترامب مبشّراً بعودته اليها، في وقت يأتي هذا الاستحواذ على بعد أيام معدودة من الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي.
قال مؤلف السيرة الذاتية لماسك، مايكل فليسماس، لشبكة “سكاي نيوز” البريطانية، إن الرجل يتمتع بنوع من التفكير العملي المتقدّم، وفي المقابل قال جيسون جولدمان، أحد أعضاء الفريق المؤسس وعضو مجلس الإدارة السابق في “تويتر”، “إن الافتقار إلى استراتيجية واضحة هو سبب محاولة ماسك الانسحاب من الصفقة، ومن هنا حذر خبراء من أن الموقف الفضفاض لأغنى رجل في العالم بشأن الاعتدال يمكن أن يكون طريقاً لازدهار “أسوأ المتصيدين”، ما يحوّل “تويتر” لمنصة تحتضن كافة أشكال النزاعات والعداء والتطرّف.
وحول هذه النقطة، يقول غولدمان الذي كان أول مسؤول رقمي في البيت الأبيض في عهد الرئيس باراك أوباما: “حرية التعبير مبدأ مهم للغاية، يجب على أي شخص يدير منصة إنترنت أن يبدأ بتبنّي هذا المبدأ. المشكلة هي أن ماسك لا يهتم بذلك حقاً، إنه يريد أن يكون هناك المزيد من الأصوات على المنصة التي تتوافق مع آرائه السياسية الخاصة” في إشارة واضحة الى توجهات ماسك المناهضة للسياسة الديمقراطية.
وتوقع غولدمان “ارتفاع المخاطر المتعلقة بالبيانات في المستقبل، وتسريبات لخصوصية المستخدمين، وغيرها من الأمور التي ستكون لها عواقب سيئة في العالم الحقيقي”، منبّهاً من أن “المستخدمين المميزين لن يرغبوا في الوجود على منصة تدعم الخطاب التحريضي”.
أول خطوة معبّرة لتوجهاته المناهضة لإدارة متماهية مع سياسات الديمقراطيين، كانت إنهاء خدمات كامل الفريق الذي كان يدير التطبيق بدءاً من فيجايا جاد رئيسة السياسة القانونية والثقة والسلامة في التطبيق والتي اتخذت قرارها بتعليق حساب الرئيس السابق دونالد ترامب بشكل دائم، مبقيةً على حساب مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي وقادة الحرس الثوري وطالبان والعصائب وحزب الله وحماس ومنظمة الجهاد الإسلامي، كما سارع ماسك الى تشكيل مجلس إشراف على المحتوى تأكيداً لرغبته في تغيير نهج سياسة التطبيق وجعله أكثر انفتاحاً على الجمهوريين.
وآخر ما سُجّل من مواقف تنمّ عن التغيير الجذري للسياسة في التطبيق وتعطي إشارة كبيرة وهامة عن التحوّل الحاصل ما أعلنه بالأمس الأمير الوليد بن طلال عن إنهاء تحويل حصة كل من شركة المملكة القابضة التي يملكها ومكتبه الخاص البالغة 7 مليارات ريال سعودي لشراء 34.948.975 سهماً في تويتر ليصبح بن طلال ثاني أكبر مستثمر فيه، إيذاناً بعصر جديد في التطبيق ودلالة على عودة التطبيق الى الحضن الجمهوري الحليف للخليج والدول الخليجية النفطية.
وبذلك يبدو جلياً أن استحواذ إيلون ماسك لتويتر شكّل إشارة هامة وكبيرة الى عودة جمهورية كبيرة في إدارة الولايات المتحدة والعالم عساها تطلق شرارتها في الانتخابات النصفية المقبلة في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.