مع اقتراب العهد من المشهد الختامي وإسدال الستارة على جدل استمر أكثر من ثلاثة عقود منذ تعيين قائد الجيش العماد ميشال عون رئيساً لحكومة انتقالية مهمتها تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتجاوزه للمهمة المنوطة بحكومته ليخوض حربين كبيرتين ما عدا الحروب الصغيرة وتنتهي حكومته المتمردة على انتخاب الرئيس الشهيد رينيه معوض وبعده الرئيس الراحل الياس الهراوي في ١٣ تشرين الأول ١٩٩٠، وها هو ٣١ تشرين الأول ٢٠٢٢ يعلن نهاية عهد وجدل، ليفتح التاريخ بابه لكتابة الأحداث وحسم الجدل حول المرحلة التي طبعها عون على مدى العقود الماضية.
المؤشرات الأولية التي ترافق نهاية العهد هي وقوف الرئيس عون وحيداً في المواجهة الحكومية حول التشكيل وعدمه ومحاولة فرض الشروط ورفض التشكيلات التي يقدّمها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي المتحرر اليوم من عقدة التأليف ومن ضغط حليف عون والتيار الوطني الحر أي "حزب الله" الذي ينأى بنفسه عن التدخل لصالح عون للمرة الأولى بعد تفاهم "مار مخايل" في شباط من العام ٢٠٠٦.
يدرك الرئيس بأن من خذله عمليأً في الموضوع الحكومي هو "حزب الله" وليس رئيس الحكومة وقد تمكّن "الحزب" من إخضاع معظمهم منذ العام ٢٠٠٩ وحتى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مروراً بجميع من تولّوا الرئاسة الثالثة في العهد وقبله بسنوات.
مرجع حكومي سابق حمّل مسؤولية إضعاف موقع رئاسة الحكومة إلى ثلاث جهات بالتكافل والتضامن فيما بينهم محدداً الرئيس ميشال عون الذي استغل توقيعه لتحصيل مكاسب لفريقه السياسي مخالفاً روحية الدستور التي تنطلق من الإيجابيات، والمسؤول الثاني هو "حزب الله" الذي انحاز إلى جانب عون ومارس الضغوط على رؤساء الحكومات السابقين لتأمين رغبات الرئيس عون، أما المسؤولية الأكبر فتقع بحسب المرجع نفسه على رؤساء الحكومة الذين ارتضوا الخضوع بتبريرات مختلفة باءت جميعها بالفشل في قيام السلطة التنفيذية بواجباتها وأوصلت لبنان إلى الإنهيار.وفي هذه الحالة يختم المصدر لا تعود تنفع ذريعة أم الصبي أو خالته، فالنتيجة واحدة، وموقف ميقاتي اليوم لو تم اعتماده في السابق لما تمكن أحد من إرغامه على ما لا يرتضيه.