أكد الأمين العام لتجمّع "إتحاديون " جو عيسى الخوري أنه " علينا احترام خصوصيات المجموعات الأربعة المكوّنة للنسيج المجتمعي اللبناني والمؤثرة فيه، وأن الطائف اتفاق سيء لأنه نَقلنَا من نظام رئاسي برئيس جمهورية الى نظام برؤوس ثلاثة.
حديث عيسى الخوري جاء في إطار مداخلة تضمنت "سردية تاريخية" عبر قناة Mtv قال فيها الآتي:
التاريخ أثبتَ أن الدول التي استطعت أن تنعم باستقرار وتتحضّر وتتطور يكون دستورها مرآة لتركيبتها الإجتماعية. لبنان بلد متعدّد الثقافات ولا يمكن أن يكون لديه سلطة مركزية، ففي العالم هناك 26 بلداً ذات نظام فيدرالي، مع مجتمعات متعدّدة الثقافات، وأستطيع أن أؤكد في هذا السياق أن حوالي 21 أو 22 بلداً منها ينعم بالاستقرار، وهي دول متحضّرة مثل كندا، الولايات المتحدة الأميركية، البرازيل، سويسرا، بلجيكا، النمسا، الإمارات العربية المتحدة، ألمانيا وغيرها من البلدان ذات ثقافات متعدّدة، وهي مرّت بحروب وتناحرات بين المجموعات المكوّنة لنسيجها الداخلي إلا أنها إرتأت بالنتيجة أن تضع نظاماً يناسب الجميع.
أضاف: "نحن في تجمّع "اتحاديون" الذي يضم حوالي 50 شخصاً كنا نحاول منذ 20 أو 25 عاماً تقريباً أن نجد حلولاً للمشكلات التي يواجهها الشعب اللبناني مثل مواضيع الكهرباء، الطبابة، الفساد وغيرها، ومنذ نحو سنتين، وصلنا الى قناعة بأننا نحاول إيجاد حلول لتداعيات هذه المشكلات من دون أن نعود الى أصل المشكلة التي هي نظام سياسي مركزي بدأ منذ عام 1926. الطائف ليس المشكلة، وهو تعديل لدستور العام 43 الذي هو بدوره تعديل لدستور العام 26، وما يمكن أن قوله اليوم هو إن لبنان الذي اخترعناه في العام 1920 إرتأ مَن وضَعَه بأنه يحتاج الى دستور، ومَن كان يساعدنا في وضع الدستور حينذاك هم الفرنسيون المعروفون بتفكيرهم المركزي ولديهم دولة مركزية، فأعطونا دستور الجمهورية الثالثة وقالوا لنا استوحوا منه وحاولوا أن تضعوا دستوراً يتناسب مع هذا بلدكم الجديد، ومنذ ذلك الوقت أنشأنا بلداً متعدّد الثقافات يضم تقريباً بين 55% من المسيحيين و20% من السنّة و 17% شيعة و 7% دروز. حينها كان يجب وضع دستور لا مركزي، وأنا أقول دائماً أن الفيدرالية هي أسمى مظاهر اللامركزية، وبالتالي كان يجب منذ ذلك الوقت أن نتنبّه الى وجود مجموعة أقليات، لأن ما جرى بعدها هو أن المسيحيين والموارنة بالتحديد خرجوا من نظام متصرفية جبل لبنان التي كانت تضم 81 % من المسيحيين ومن ضمنهم 60% موارنة، وهم يعتبرون أنفسهم منتصرين ويريدون بناء بلد لحمايتهم، فوضعوا ليس فقط دستوراً لسلطة مركزية بل وضعوا أيضاً دستوراً رئاسياً ممسكين بمفاصل السلطة بين أيديهم، وهذا ما جعل المجموعات الأخرى المكوِّنة للبنان تشعر بالغبن.
تابع عيسى الخوري: "بعد خروج الفرنسيين في العام 1943، يمكن اعتبار الفترة ما بين 1943 حتى 1975 بأنها الفترة التي أثّر فيها المسيحيون والموارنة خصوصاً على لبنان، في الوقت الذي كانت فيه مجموعات أخرى غير مرتاحة أو راضية عن الوضع القائم حينها، والبرهان الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1958 وأدت الى سقوط خمسة الآف قتيل، ثم أتت أحداث عام 1969 وبعدها عام 1973 ووصلنا بعدها الى العام 1975 حيث قَاتلَ اللبنانيون بعضهم بعضاً حتّى العام 1990، ومع انتهاء الحرب في هذا العام وضعنا دستوراً جديداً، وكان هناك منتصرون. تم جرى تعديل الدستور ولكنه تعدّلَ أيضاً كدستور لسلطة مركزية في بلد متعدّد الثقافات، فالفترة من 1990 الى 2005 كانت الفترة التي يمكن تسميتها "بالسنّية السياسية" التي أثّر على تطوّرها الرئيس الراحل رفيق الحريري مع محاولة النهوض من الكبوة الاقتصادية إعادة إعمار البلد وإدخال الأموال اليه. في العام 2005 قُتل مع الأسف الرئيس الحريري، ومنذ 2006 حتّى اليوم ونحن نمرّ بفترة يؤثّر عليها حزب الله أو المجموعة الشيعية.
وعليه يكون لبنان قد مرّ خلال ٣٠ عاماً بفترة تأثير مسيحي لم تكن مجموعات لبنانية أخرى راضية عنه وعن حق، وبعدها وعلى مدى ٣٠ عاماً كانت هناك مجموعة سنّية مؤثرة ومجموعة شيعية مؤثرة، والقاسم المشترك بين هاتين المرحلتين هو السلطة المركزية.
وعن موضوع الطائف، ختمَ عيسى الخوري بالقول إن الطائف هو اتفاق سيء لأننا انتقلنا من نظام رئاسي برئيس جمهورية الى نظام رئاسي بثلاثة رؤوس، وللأسف الطائف جرّدَ الرئيس المسيحي من صلاحياته وسلطاته ولم يعطها لرئيس الحكومة المسلم السنّي، وهذا على ما اعتقد الفخ الذي وقعت فيه المجموعة السنّية، فالطائف "ميّعَ" السلطة التنفيذية ضمن مجموعة 24 أو 30 وزيراً و بذلك يكون مجلس النواب صار أكثر قوة، ومعه رئيسه الذي أصبح بدوره أكثر قوةً، ما أدى الى عدم توازن بين السلطات، لذلك وفي المحصّلة فالدستور يجب أن يكون مرآة للتركيبة الإجتماعية لأي بلد، فنحن بلد متعدّد الثقافات، لدينا ٤ سرديات تاريخية: درزية، سنّية، مسيحية وشيعية، ونتحدّث دائماً عن المثالثة في الوقت الذي ننسى فيه مجموعة أساسية أثّرت على لبنان خلال 30 سنة وهي المجموعة الدرزية، ولا أحدى يأخذ وجودها بعين الإعتبار في الدستور، لذلك أي دستور نضعه يجب أن يأخذ بالاعتبار هذه المكوّنات الأربعة الموجودة في لبنان.