فضل الله: الحكومة تتجاهل الدماء في الجنوب وتتصرّف بـ"عقلية الاستفزاز"

fadlallah

رأى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، أنه "في هذه المرحلة بكل صعوباتها وآلامها وجراحاتها نريد لها أن تكون ضمن مسؤوليات الدولة، بمعزل عن عجزها وضعفها وتغاضي بعضها وتغافل البعض الآخر، فعليها أن تتحمل المسؤولية، نتيجة مجموعة من الظروف والعوامل المرتبطة بالصراع مع هذا العدو، سواء كانت عوامل محلية أو إقليمية، ونحن نعرف أن هناك ألمًا كبيرًا، وأن أهلنا يسألون دائمًا: إلى متى هذا القتل الإسرائيلي؟ إلى متى هذه الاستباحة الإسرائيلية؟ وهم يسألون المقاومة لأن لديهم ثقة بالمقاومة، وليس لديهم ثقة بالدولة ولا بمؤسساتها، ولا بإمكانية أن تقوم بواجباتها، خصوصًا في ظل هذه الحكومة، لأن أداءها يزيد الشرخ بينها وبين الناس. فبعضها يدّعي أنه يريد استعادة هيبة الدولة، لكنه لا يلتفت إلى كل هذه الاستباحة الإسرائيلية والقتل اليومي للمواطنين، فهيبة الدولة تسقط أمام الاعتداءات الإسرائيلية وأمام استمرار الاحتلال".

أضاف: "ونحن في توصيفنا لا نأخذ الحكومة ككل، فهناك وزراء يقومون بأدوارهم المطلوبة، ووزراء لا يقومون بها، لكن الحكومة ككل هي المسؤولة، ولا تتصرف تجاه ما يجري في الجنوب بمسؤولية وطنية. لديها اجتماع، ولكن ماذا على جدول الأعمال؟ هل ما تطرحه هو من الأولويات الوطنية؟ هناك خمسة شهداء قضوا في اليومين الماضيين بالاعتداءات الإسرائيلية، بينهم مهندسان لا عمل لهما سوى الكشف على الأضرار والقيام بواجب هو من مسؤولية الدولة، لمساعدة الناس في ترميم الأضرار. قتلهم العدو ليمنع هذا العمل الشريف والوطني الذي يقوم به حزب الله من خلال مؤسساته المدنية لمساعدة الأهالي على العودة إلى بيوتهم. أليست الأولوية الوطنية اليوم هي حماية دماء المواطنين؟ أليست الأولوية الوطنية المفروضة على الحكومة هي إعادة الإعمار؟ أليست الأولوية الوطنية الضغط بكل الوسائل من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية؟ هذه هي الأولويات الوطنية".

وقال فضل الله خلال مشاركته في الاحتفال التكريمي: "اليوم لو سألنا أيّ مواطن في الجنوب ما هي أولويتك الأولى؟ سيقول: الأمن في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، والثانية هي إعادة الإعمار. ولو سألنا أيّ مواطن لبناني اليوم على امتداد الأراضي اللبنانية، ولكونه بعيدًا عن الاعتداءات، سيقول إن أولويته الوضع المعيشي وتسيير أموره واستعادة أموال المودعين. لكن ماذا يوجد على بنود مجلس الوزراء؟ إجراءات وزارة العدل بموضوع الروشة، وسحب ترخيص جمعية “رسالات”، وتقرير الجيش حول حصرية السلاح. فهذه الحكومة تتصرف بهذه العقلية. صحيح أن عمر هذه الحكومة قصير من هنا إلى الانتخابات، ونحن نريد للانتخابات أن تجري في موعدها، لأن هناك من يسعى لتأجيلها، إما لإطالة عمر هذه الحكومة أو لحسابات داخلية".

وتابع: "إن كان عمر هذه الحكومة قصيرًا، فعليها أن تتحمل مسؤولياتها. لكن للأسف، هناك من يتصرف بحسابات شخصية وبانفعالات، بحيث لا يقدّم أولويات الداخل والمواطنين لتكون هي الأساس في إدارة البلد، إنما يقدّم الإملاءات الخارجية. وهذه البنود ليست لحسابات وطنية ولا لحساب المصلحة الوطنية، وليست من أجل تطبيق القانون. ونحن كنا قد آثرنا على أنفسنا ألا ندخل في نقاش حول هذه الموضوعات، لكن ما دام هناك من هو مصرّ على التضليل وتعمية الحقائق وتزوير الوقائع، لا بد أن نشرح لأهلنا حقيقة ما جرى: أولًا، هذه الفعالية في الروشة كانت رمزية، وكان يمكن أن تمرّ بهدوء ومن دون أي ضجيج، لكن أمام الإصرار على مخالفة القانون والتحدي والاستفزاز، شارك الناس بكثافة وبوعي وحكمة، ولم تحصل أي مشكلة، وربما هذا ما استفزّ البعض في السلطة، لأن الناس كانوا أوعى من السلطة، والتزامهم بالقانون أكثر من بعض أهل السلطة. فشنّوا حملة شعواء على الجيش والقوى الأمنية، لأن الجيش تصرّف وفق القانون وبحكمة ووعي وضبط الأمور، ولم تحصل أي مشكلة في الوقت الذي كان هناك من يخطط لصدام بين الجيش والناس. فهل مثل هذا الصدام هو تطبيق للقانون أو للدستور أو لاتفاق الطائف الذي يتغنّون به؟".

ولفت إلى أنهم "أرادوا زجّ الجيش في مواجهة الناس، ولا ننسى أن الموفد الأميركي توم برّاك أراد أن يضع للجيش مهمة هي الصدام مع الناس، وجاءت هذه الحادثة لتحاول جرّ الجيش نحو مواجهة مع الناس، لكن الجيش طبّق القانون وكان حكيمًا بقيادته وضباطه وأفراده الذين تولّوا حفظ الأمن مع القوى الأمنية، والناس كانوا على هذا المستوى أيضًا. وعندما فشل من في السلطة في هذه المهمة لجأوا إلى التحريض وبث الأخبار الكاذبة، وقالوا إن حزب الله لم يلتزم بما تعهّد به، لكن تاريخنا واضح والناس تعرف أننا نحن أهل الالتزام والوفاء والصدق فيما نلتزم به".

وتابع: "بدأوا يبثّون الأخبار التي تقول إن الجهة التي قامت بهذه الفعالية لم تلتزم بما وعدت به، ولكن هذا غير صحيح، إذ كنا ملتزمين بكل كلمة قلناها، وقلنا إننا سنقوم بهذه الفعالية وفق الأنشطة المقرّرة وقمنا بها كما هي، وبالتالي ليس صحيحًا أن هناك التزامات أمام جهات رسمية لم نلتزم بها. وإن كان أحد المسؤولين قد أصدر ترخيصًا معيّنًا للفعالية، وتصور أنها ستتمّ بخمسمائة شخص وتصرف خارج صلاحيته أو أبلغ عن أمر غير صحيح، فليتحمل مسؤوليته. أما تعميم رئيس الحكومة فهو موجّه إلى الإدارات الرسمية وملزم لها، ومخالفة التعميم وفق القانون تعرّض المخالف لإجراءات معيّنة، أما المواطن العادي فهو غير معنيّ بتعميم رئيس الحكومة لأن التعاميم الرسمية تطال المؤسسات الرسمية، والمواطن معنيّ بقرارات تصدر عن الحكومة وفقًا للقانون والدستور".

كما اعتبر أن "الضغط على القضاء وزجّه في قضايا خلافًا للقانون لملاحقة بعض الأفراد لن يؤدي إلى نتيجة، لأنه غير قانوني، وأن تسييسه بهذه الطريقة هو الذي يؤدي إلى ضرب هيبة الدولة وإفقاد هذه الحكومة أيّ مصداقية لها، وأيّ سلطة تصطدم بشعبها تسقط ويبقى الشعب، وما من سلطة في لبنان صادمت الناس ووصلت إلى نتيجة".

وأشار إلى أن "لبنان متنوّع وفيه إرادة شعبية قوية وفيه قانون ودستور، وأيّ مسؤول مهما كان موقعه لن يتمكّن من تسخير الدولة لمصالحه وخياراته، بعيدًا من الدستور ومن المؤسسات المعنية، ومن أراد أن يستخدم منصة مجلس الوزراء لاستهدافات معيّنة فإنه لن يصل إلى نتيجة".

داعيًا العقلاء في السلطة إلى "معالجة هذا الأمر بعيدًا من التحدي والاستفزاز وارتكاب الأخطاء، لأن أحدًا مهما بلغ لن يستطيع تجاوز ما ينصّ عليه القانون في ما يتعلق بحرية الناس وحرية التعبير وحرية أن تقوم الهيئات والجمعيات بعملها وفق ما يمليه القانون".

وختم فضل الله: "التعسّف باستخدام السلطة لن يفرض على الشعب خيارات لا يرضاها، ونحن من وحي دماء الشهداء نوجّه هذه الرسالة للعقلاء في السلطة لتدارك الأمر ومعالجته بعيدًا من لغة التحدي. نحن لم نكن ننوي التحدي، ولكن من يريد أن يتحدّى شعبنا عليه أن يعلم أن هذا الشعب عصيّ على الانكسار، ودماء شهدائه تؤكد ذلك".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: