شهد قصر بعبدا قبل ظهر اليوم سلسلة لقاءات تربوية واقتصادية ودبيلوماسية، حيث استقبل رئيس الجمهورية جوزاف عون وزيرة التربية ريما كرامي، التي عرضت للواقع التربوي والتحضيرات الجارية لبدء السنة المدرسية الجديدة.
بعد اللقاء، قالت الوزيرة كرامي في تصريح إلى الصحافيين: "زيارتي اليوم لفخامة الرئيس كانت لوضعه في أجواء الاستعداد لبدء العام الدراسي بمراحل التعليم العام والمهني والعالي، مع شرح الإجراءات التي تم اتباعها لهذه التحضيرات. وقد حصل لغط حول التدريس أربعة أيام في الأسبوع الذي صدر بالأمس، واستوجب التوضيح".
وأكدت أن هذا "التدبير يطال فقط التعليم الرسمي، وهو استمرار للإجراء المعتمد خلال السنتين الأخيرتين، أي منذ العودة من التعليم عن بعد وخلال الأزمة الاقتصادية، حيث كان هناك توافق بين الوزارة والروابط التعليمية على ضغط ساعات العمل، وهو أمر مرتبط بالكلفة التشغيلية للوزارة والمدارس، وإفساح المجال أمام الأساتذة لتأمين دخل إضافي، إضافة إلى تخفيف المصاريف على الأهالي، وخصوصاً فيما يتعلق بنقل الطلاب من وإلى المدارس. كل هذه الضغوط أوجبت اتخاذ هذا الإجراء خلال الفترة الماضية، وكنا نأمل أن ننتقل هذا العام إلى الدوام الكامل أي خمسة أيام في الأسبوع، وحاولت جاهدة الوصول إلى هذه النتيجة، وعقدت اجتماعات عديدة مع روابط الأساتذة في التعليم الأساسي والثانوي، وتواصلنا أيضاً مع وزارة المالية في هذا الشأن".
أضافت: "للعام الدراسي خصوصيته من الناحية المالية، فهو يبدأ في خضم السنة المالية، أي أننا لا نزال حالياً ضمن موازنة العام السابق، والتي تلحظ العمل لمدة أربعة أيام في الأسبوع. حاولنا زيادة عدد الأيام لكن لم نستطع. لذلك، وكي نبدأ العام الدراسي بشكل منتظم، تم الاتفاق على الاستمرار بدوام أربعة أيام أسبوعياً، على أن تكون السنة الحالية الأخيرة التي يُعتمد فيها هذا الإجراء، وكلنا أمل أنه في العام المقبل، وفي ظل الموازنة الخاصة التي وضعتها الوزارة، يتم العودة إلى الدوام العادي أي خمسة أيام في الأسبوع، بما يشمل طرح مصاريف تشغيلية للأساتذة الذين يتم العمل معهم لتصحيح الرواتب في القطاع العام. هذه هي حيثيات القرار الذي صدر بالأمس، مع الإشارة إلى أنه تم رفع الحصة التعليمية إلى 50 دقيقة، أي أنه سيتم تمديد موعد مغادرة المدارس الرسمية يومياً نحو نصف ساعة، وإعادة المواد الإجرائية والمختبرات وغيرها، على أن ينطلق العام الدراسي بزخم قوي، وتستعيد المدرسة الرسمية ثقة الأهالي".
سئلت: كيف ستتم تلبية مطالب الأساتذة بزيادة الرواتب في ظل عدم توافر الأموال؟
أجابت: "ما قلته هو أننا مستمرون في موازنة العام الفائت، وأنا على تواصل دائم مع الأساتذة، من خلال شخص في مكتبي مهمته الاتصال بالأساتذة والروابط التعليمية والمدراء. وقد التقيت الأسبوع الفائت بمدراء من مختلف المناطق اللبنانية وبكل الروابط، وبالتالي فإن مشروعنا في الوزارة هو إعادة تصحيح الأجور (المتعارف عليه بسلم الرتب والرواتب)، ولكن فعلياً نرغب في تصحيح الأجور التي تراجعت، واتفقنا على وضع خطة موازية بالتنسيق مع وزارة المالية. ونحن نعمل كشركاء، وأنا فخورة بهذا الأمر".
سئلت: هل هناك خطة في حال نشوب الحرب مجدداً؟
أجابت: "تم طرح هذا السؤال علي مراراً، وكان جوابي أننا ضمن حكومة هدفها الإعلان أننا سنعود إلى الحالة الطبيعية. ولكني أخبرت الجميع أنني طوال حياتي لم أشهد عاماً دراسياً عادياً في لبنان، وهذا السؤال يوجه إلى دول لم تستطع التأقلم مع ما حدث، على عكس لبنان الذي أثبت أنه رغم كل شيء تمكن أولادنا من التعلم والتفوق أينما حلوا على مدى العقود الثلاثة الأخيرة. وبالتالي، ليس هناك خطة في حال حصول حرب، بل كيفية متابعة الدراسة في الأحوال العادية. نحن جاهزون، وإذا لزم الأمر وحصلت حرب لا سمح الله، سنتخذ الإجراءات اللازمة، إلا أننا حالياً ننطلق بعام دراسي نأمل أن يكون منتظماً، وحتى المدارس الواقعة في مناطق متضررة أو عرضة للاعتداءات تخضع لترتيبات خاصة لتأمين الدراسة الحضورية لكل طالب، وليس الاكتفاء بالتعليم عن بعد، وهناك اهتمام خاص بهذه المجموعة من الطلاب كما حصل خلال الامتحانات الرسمية، لأننا نعلم مدى قساوة الظروف التي يمرون بها".
سئلت: ما هي الترتيبات في المدارس التي تستقبل نازحين سوريين في فترة بعد الظهر؟
أجابت: "هذا ملف مختلف ولا يزال قيد البحث لأن أبعاده تتجاوز وزارة التربية. حالياً، نعمل وفق المراسيم المتبعة في العام السابق وسنلتزم بها، ولكنه موضوع قيد البحث وهناك جهود كبيرة ولجان في الحكومة تعمل على موضوع عودة النازحين. وأنا كوزيرة تربية جزء من اللجنة الوزارية المكلفة دراسة هذا الموضوع. المدارس وفق القانون اللبناني تبدأ بتسجيل الطلاب اللبنانيين، وبعدها يتم تسجيل الطلاب الذين يستوفون شروط الإقامة. وبالتالي، ليس هناك أي تدابير إضافية في هذا الملف".
البستاني
واستقبل الرئيس عون رئيس لجنة الاقتصاد النائب فريد البستاني، وتداول معه موضوع مستشفى دير القمر الحكومي والوضع الاقتصادي العام في البلاد.
بعد اللقاء، قال البستاني للصحافيين: "كان لي شرف لقاء رئيس الجمهورية وناقشت معه مواضيع عدة أرغب في الإضاءة عليها. اليوم يعقد اجتماع في وزارة الصحة لاستلام مستشفى دير القمر الحكومي من مجلس الإنماء والإعمار. ومن على هذا المنبر أقول إننا عملنا كثيراً على هذا المشروع الحيوي للشوف وكل بلدات الجوار، وأؤكد أن الأمر سيتم اليوم من دون تأخير، لأن المستشفى كان جاهزاً منذ الشهر العاشر من العام 2024، واليوم نحن في الشهر الثامن من العام 2025. لذلك أحمّل كل المسؤولية لجميع المسؤولين في وزارة الصحة ومجلس الإنماء والإعمار وغيرهما عن كل تلكؤ ما لم يتم التسليم اليوم وما لم يفتح المستشفى أبوابه، لأن لدينا قسم من التجهيزات كهبة وسنقوم بتركيبها وسنطالب وزارة الصحة بإكمال التجهيزات الناقصة في المستشفى".
وأضاف: "مستشفى دير القمر الحكومي حق للشوفيين وأهل المنطقة على الدولة، وهذا واجبنا الوطني. وأؤكد للمرة الأخيرة، مستشفى دير القمر يجب أن يفتح أبوابه هذه السنة، ولا يقولن لنا أحد إن هناك أموالاً أو ليس هناك أموال، فما دامت الأموال تذهب إلى مستشفيات أخرى فلتذهب إلى دير القمر ونفتح المستشفى. هو ليس مستشفى فريد البستاني، بل مستشفى حكومي للدولة".
وتابع: "أما الموضوع الثاني، فقد أثنيت على أداء رئيس الجمهورية في موضوع محاربة الفساد، والجمهور يعرف أن لجنة الاقتصاد النيابية وأنا نضع هذا الأمر أولوية بالنسبة لبناء الدولة والمؤسسات. منذ حوالي سنة كانت لنا عدة محطات في موضوع محاربة الفساد، والأداء الذي نقوم به يصب في أجندة خطاب القسم. ونحن نسير في هذا الخط، أي خط بناء الدولة. وقد وضعت الرئيس عون بصورة وجود ملفات أخرى قيد التحضير وسندرسها في لجنة الاقتصاد قريباً في شهر أيلول المقبل، وستكون لنا كلمة فصل فيها. لماذا نركز على الفساد؟ لأن هناك الكثير من أموال المودعين التي ذهبت هدراً في هذا الملف. أما ملف النافعة، فإن الرئيس عون يتابعه وهناك تقدم، وكان لنا تواصل مع وزير الداخلية. وهذا الملف يتقدم ببطء ولكن بخطى قوية".
وأردف: "الملف الثالث الذي تحدثت عنه هو ملف الودائع. هناك فريق في الحكومة يعمل على الانتظام المالي الذي نتوقع أن يصل إلى المجلس النيابي في آخر شهر أيلول المقبل كما وعدونا، ونحن حاضرون وسنناقشه بكل موضوعية وعدل. لقد أخبرت الرئيس عون موقفي وموقف اللجنة بأننا إلى جانب المودعين لأنهم تعرضوا للظلم. وهناك أمور تقنية سنتابعها كلجنة اقتصاد، منها موضوع المودعين بالليرة اللبنانية وعدد من القضايا الأخرى التي ندرسها. وأخيراً، شددت على يد الرئيس عون وقلت له إن نجاح العهد هو نجاح خطاب القسم، لكننا نعمل على الشق الاقتصادي الذي أرى فيه تقدماً، وقد سمعنا بذلك من STANDARD AND POORS حيث انتقلنا من CC إلى CCC أي أن مستوى الائتمان العالمي للبنان يتحسن ولو قليلاً، إلا أن التحسن موجود. وقد كانت النتيجة حتى فترة الصيف إيجابية جداً، وجميعنا يعلم أنه كانت هناك أعمال والحمد لله هناك تقدم على الأرض رغم التوتر السياسي. أسمع من الشركات والناس أن فصل الصيف كان جيداً رغم التوتر الأمني، وإذا استمرينا على هذه الوتيرة، مع العجلة الاقتصادية التي تعود إلى عملها تدريجياً، والانتظام المالي الذي سيحصل أخر الشهر المقبل، فأتوقع أن نشهد انطلاقة أكبر. أشكر الرئيس عون على وقوفه إلى جانبنا في هذا الموضوع، وموضوع مستشفى دير القمر".
سئل: النائب جبران باسيل كان واضحاً أنه مع حصرية السلاح بيد الدولة على أن يكون هناك في المقابل وقف للانتهاكات الإسرائيلية، في حال جاء الرد الإسرائيلي سلبياً، هل يعتبر ذلك ذريعة ليبقى السلاح خارج الدولة؟
أجاب: "أنا لست في موقع أن أفسر ماذا يقول معالي الوزير باسيل وأفضل أن توجهوا السؤال إليه".
شقير
ثم استقبل الرئيس عون رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير، وعرض معه التحسن الذي طرأ على الوضع الاقتصادي في لبنان في الفترة الأخيرة، إضافة إلى واقع الهيئات الاقتصادية.
بعد الاجتماع قال شقير في تصريح للصحافيين: "كان لي شرف لقاء الرئيس وهنأته على الجهود الجبارة التي يقوم بها. أساس اللقاء كان الوضع الاقتصادي في البلاد والتحسن الكبير الذي شهدناه خلال موسم الصيف، الذي بدأ في حزيران. يمكن القول إن موسم الصيف كان جيداً، ليس فقط في بيروت، بل في مناطق أخرى أيضاً، وهناك تحسن كبير جداً، كما نرى حركة كثيفة في المطار لم نعهدها منذ سنوات، وحركة في المناطق الجبلية كانت غائبة لفترة طويلة، كما أن الحركة التجارية قوية جداً. كان العمل جيداً للجميع خلال موسم الصيف، وآمل أن نستمر على هذا النحو، فالموسم ينتهي منتصف شهر أيلول المقبل، أما من لم يستفد فهو لم يتحضر جيداً. نحن متفائلون بالمستقبل، وبحكمة الرئيس والقرارات الجبارة التي يتخذها مع دولة رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، وبالتالي نرى أن الاستقرار جيد. هذا لا يعني أن السياحة ستتوقف بعد تاريخ 15 أيلول، فتوفر الاستقرار يعني أن السياحة مستمرة على مدار العام، ومنها السياحة الدينية والشتوية وأعياد الميلاد ورأس السنة، وآمل أن تستمر الأوضاع في التحسن".
سئل: كيف ترون تعاطي الدول الخليجية، لا سيما السعودية، في المجال الاقتصادي؟
أجاب: "نتمنى عودة إخواننا في المملكة إلى لبنان في أسرع وقت ممكن، وإن شاء الله سيجد الموضوع حلاً خلال الفترة الممتدة حتى نهاية العام الحالي. رأينا حضورا كويتياً وإماراتياً مهماً، وكنا سعداء برؤية الإماراتيين الذين يزورون لبنان للمرة الأولى، أي من الجيل الشاب، وهذا يدفع إلى التفاؤل. ومن المتوقع أن يفد إلى لبنان أعداد كبيرة من الإخوة السعوديين حالما يبدأون في العودة إلى هذا البلد".
سئل: كيف تتحضرون اقتصادياً لمواجهة التحديات التي يواجهها لبنان؟
أجاب: "عندما ننظر إلى الوضع، نرى التقدم الكبير الذي حصل. في العام الماضي كانت الحروب والمشاكل سائدة، وحالياً بعد بداية العهد الجديد تغير الوضع. اليوم ننعم بالاستقرار ونتمنى أن يستمر، ونحن كهيئات اقتصادية نأمل إيجاد حل للقطاع المصرفي في الدرجة الأولى، لأنه لا وجود لاقتصاد قوي من دون قطاع مصرفي قوي أيضاً، ومع ذلك هناك استثمارات ومؤسسات جديدة، وهناك حركة في البلد يجب أن تزداد وهو ما سيحصل إذا كان القطاع المصرفي قوياً".
سئل: هناك مراجعة في شهر تشرين بالنسبة لوضع لبنان على اللائحة الرمادية، هل هناك معطيات حول هذا الأمر؟
أجاب: "أعتقد أننا سنبقى في هذه اللائحة لنحو سنة أيضاً، لأنه على الرغم من التحسن الذي طرأ، يحتاج الأمر إلى وقت. اللائحة لم تشمل مصرف لبنان والمصارف الذين قاموا بما عليهم، وكان الموضوع متعلقاً أكثر بالقضاء. اليوم، وفي ظل التغييرات القضائية التي حصلت، نأمل أن تتغير اللائحة، إن لم يكن هذا العام ففي العام التالي، ولكننا نسير على الطريق الصحيح".
سئل: كيف يتم التعاطي مع الخطة الاقتصادية التي تضعها الدولة؟
أجاب: "أي خطة أو تحسين نقوم به سيظهر نتيجته سريعاً. هناك أمور كثيرة نعمل عليها كقانون تشجيع الاستثمار، والقانون الضرائبي العصري والحديث، وقانون الجمارك، وهي مسائل تحسن الوضع الاقتصادي والبيئة الاستثمارية. نحن متفائلون ومستمرون ولن نترك البلد، وصمدنا في أصعب الأيام، بينما هذه الأيام أيام جيدة وسنستمر".
عساف
وفي قصر بعبدا استقبل الرئيس عون رئيس مجلس إدارة الشركة العصرية اللبنانية المساهمة – بيبسي كولا لبنان الشيخ وليد عساف، الذي نقل إلى الرئيس عون ارتياح رجال الأعمال اللبنانيين لتطور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وأملهم في مستقبل أفضل بفعل الخطوات الإصلاحية التي يقوم بها مع الحكومة ومجلس النواب. ولفت إلى أن استثمارات الشركة ستزداد بفعل الثقة المتجددة في البلاد، ما سيقوي الاقتصاد الوطني ويوفر فرص عمل جديدة.
وأكد الرئيس عون أنه يولي الصناعة اللبنانية اهتماماً كبيراً نظراً للمساهمة المهمة التي توفرها للاقتصاد اللبناني.
سفيرة كندا
ديبلوماسياً، استقبل الرئيس عون سفيرة كندا ستيفاني ماك كولين في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء مهامها في لبنان، وشكرها على جهودها لتعزيز العلاقات اللبنانية-الكندية وتطويرها في المجالات كافة، لا سيما دعم الجيش والمؤسسات الأمنية اللبنانية، وتمنى لها التوفيق في مسؤولياتها الجديدة.
السفير اللبناني المعتمد في باريس
إلى ذلك، استقبل الرئيس عون السفير اللبناني المعتمد في باريس ربيع الشاعر لمناسبة انتقاله إلى العاصمة الفرنسية لمباشرة عمله الدبلوماسي، وزوده بتوجيهاته متمنياً له التوفيق في مهمته. وشكر الشاعر الرئيس عون على الثقة التي أولاه إياها ومجلس الوزراء، مؤكداً العمل لما فيه مصلحة لبنان وتعزيز العلاقات اللبنانية-الفرنسية.