في زمن الأزمات … فرصة لمعالجة الصدمات والاضطرابات النفسية

IMG-20230521-WA0000

هي فرصة جديدة خلال شهر أيار المُصنّف عالمياً “شهر الصحة النفسية”، لاستغلالها بتسليط الضوء على الصحة النفسية وضرورة الاهتمام بها عند كل فرد في المجتمع، ولأننا في فترة السنوات الماضية مررنا ولا نزال بالكثير من المصائب والأزمات والمشكلات، نشعر أحياناً بأن ذاكرتنا تفتقد لبعض الأحداث التي مررنا بها، ونشعر وكأن السنوات الخمس التي مضت مرّت بسرعة نكاد لا نذكر ما الجديد الذي حصل فيها.

لشرح المزيد عن هذا الموضوع ومعرفة بعض الحلول الممكن اتباعها، يقول المعالج الإيحائي ربيع الحوراني ل LebTalks إن “جزءاً من تأثيرات الصدمة علينا هو النسيان، فهو الطريقة التي يتّبعها عقلنا لتحصيننا وحمايتنا من الاستمرار بالخوف من الأمور التي يمكن أن تحصل أو تتكرر في يومياتنا، لذلك عدد كبير من الناس اليوم يشعر وكأن فترة السنوات الماضية، أي منذ بداية أزمة كورونا، مروراً بانفجار مرفأ بيروت في ٤ آب، الى منتصف فترة الأزمة المالية والنقدية والمعيشية ، تمر في حالة الضياع في ذاكرتنا أو ما يُعرف ب”الثغرات” والأحداث غير المنتظمة في عقولنا، إلا أن هذا النسيان الذي يختلقه عقلنا يخلق أيضاً حالة من التيقّظ أكبر مما قبل الأزمة، لذلك نشعر أن ردات فعلنا على أخبار الأزمات الصحية أو أي تحذير من انهيار أو حدث أمني تكون كبيرة وقلقنا تجاهها يكون أكبر.
أما الجزء الثاني فهو أننا كلبنانيين دخلنا في فترة ضياع فعلية حول مصير البلد ومستقبله المجهول وعدم الاستقرار الحاصل على المستويات كافة في حياتنا ما يؤثّر أكثر على كيفية تعاملنا مع التحذيرات والأحداث”، كل ذلك يأتي بحسب الحوراني، لأننا كأفراد وكمجتمع لا نملك ثقافة إعادة تقييم لمراحل حياتنا عقب كل فترة، أقلها تلك التي مررنا فيها بمشاكل أو أزمات مهما كانت ” وحالة الضغط” التي نعيشها هي التي توهمنا بوجود مشاكل جسدية لا يتم اكتشافها طبّياً، وبالتالي تكون نفسيةً بحت، والمشكلة أيضاً أننا لا نتعلّم مما مررنا به خصوصاً في حفلاتنا وتحديد أولياتنا وحياتنا اليومية التي مرّت فترة حاولنا فيها أن نعيش بطريقة صحّيّة إلا أننا سرعان ما عدنا إلى حياتنا الاستهلاكية لا بل وأكثر مما كنا عليه سابقاً”.
وأضاف الحوراني “عدم تحديد أولوياتنا وبقائنا في الحالة الاستهلاكية وسط الأزمة الاقتصادية الراهنة التي نعيشها، وعدم تخفيف أهمية المظاهر في حياتنا هو الشيء الذي يثير قلقنا الدائم ويؤثّر سلباً على صحتنا النفسية، كما يؤثّر أيضاً بالسلبية نفسها على ردات فعلنا على الأحداث كافة”.

ما الحل؟

عن الحلول المقترحة لمعالجة وتخفيف القلق والحالة التي نعيشها، يقترح الحوراني “محاولة الأفراد أن تُعيد إحياء حياتها الإجتماعية التي توقفت بشكل شبه كامل خلال فترة كورونا، لأن الإعتياد على العزلة والإبتعاد عن الناس يزيد من حالة القلق لدينا وعدم قدرتنا على التواصل الإيجابي مع كل ما ومن هم حولنا، إضافة إلى ذلك علينا الاعتراف بالصدمة التي تعرّضنا لها كما الاستمرارية التي مضينا بها خلال الصدمة وتأثيراتها، وبعدها علينا إعادة تحديد أولوياتنا والعودة للبساطة في حياتنا اليومية، وكل هذا يأتي من ضمن إعادة تفعيل حياتنا الإجتماعية لأنه قد يساعد في تخفيف التوتر بشكل كبير”، مضيفاً بأن “التأمل والتنفّس واعتماد تقنية التأريض أو Grounding أيضاً يساعد في تخفيف التوتّر والقلق، والأهم خلق علاقات إجتماعية صحية، وهو ما قد يتجلّى كثيراً في الأحياء والضيَع وإعادة إحياء نشاطات الفرح رغم كل ما نمر به من أزمات، لأن هذا ما سينتشلنا من الوضع الحالي ويجعلنا نعبر بأقل ضرر نفسي-جسدي ممكن”.
وفي نهاية المطاف الأهم هو تفادي تأثيرات الصدمة والقلق الدائم المسيطر على غالبيتنا، لأن هذا الأمر سيولّد مشاكل نفسية كبيرة ستؤثّر بالنتيجة على المجتمع بأسره، من هنا أيضاً تأتي أهمية اللجوء لمختص من أجل تفريغ كل هذا القلق والمشاعر التي تؤثر وتسيطر علينا سلباً حينما نشعر بأننا لم نعد نحتمل ما نعيشه وما نمر به، لأننا كلنا بشكل أو بآخر نعاني من صدمة وحتّى أحياناً من صدمة مزدوجة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: