قمة جدة : تأسيس منظومة إقليمية قوية وعودة الأميركي شريكا

thumbs_b_c_901a27ccd7bb0a3de7a0ca9ae32e3411

أقل ما يمكن وصف قمة جدة للأمن والتنمية والقمم المتفرعة التي حصلت في كواليسها أنها أكثر القمم العربية الخليجية الجدية والبناءة والاكثر نجاحاً في استعادة المنطقة لقرارها ورميا للكرة في ملعبي الولايات المتحدة الاميركية وايران .وفي المعلومات أن هذه القمة أزالت الغبار الكثيف الذي لبد أجواء العلاقات بين الخليج وعلى رأسه المملكة العربية السعودية ومن خلالها الدول العربية كمصر والاردن والعراق وبين الولايات المتحدة وقد أفيد عن حوار صريح حصل بين ولي العهد الامير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي جو بايدن ، فند خلاله كلا الطرفان مطالبه ومآخذه على الطرف الآخر - وعندما وصل الحوار إلى موضوع اغتيال الصحافي جمال خاشقجي رد ولي العهد بأن الخطأ حصل ولن يتكرر رافضاً تحميله مسؤولية الإغتيال مشيرا الى أن الجانب الاميركي اخطأ في سجن ابو غريب وافغانستان وسواها من مناطق وحالات .قمة الامن والتنمية وكما يدل اسمها ركزت على شقي الأمن وكيفية حماية امن الخليج والمنطقة العربية وفي نفس الوقت كيفية تحقيق التنمية لكنها تميزت بمبدأ اطلقه الرئيس بادين بأن واشنطن لن تترك فراغاً في المنطقة يملؤه الصين وروسيا وايران - وهذا الموقف يربط كل اعادة ترتيب الاوراق اميركيا خليجياً عربياً بالمواجهة الدولية الكبرى الحاصلة في أوكرانيا وتداعياتها مع روسيا والصين وفك تحالفهما مع إيران فواشنطن التي تريد تحالفا عسكرياً واقتصادياً مع العرب ، لن تحصل على اصطفاف عربي إلى جانبها كلياً قبل أن تثبت الأهلية لاعادة الثقة الخليجية والعربية بها .

أبرز ما حققته القمة :

١ - التأسيس النهائي لمنظومة إقليمية عربية متراصة : فوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان اعلن استبدال ناتو عربي بمنظومة خليجية عربية او ما يمكن وصفه بستة +٣ بدون أي نقاش حول تحالف دفاعي مع اسرائيل .

٢- الإرتقاء بالعلاقات بين الخليج والولايات المتحدة من مستوى التحالف إلى مستوى الشراكة التاريخية وتعميق التعاون وإنشاء آليات تعاون وتنسيق وشراكة مع الولايات المتحدة .

٣- عدم التطرق إلى التطبيع مع إسرائيل ولا الى انشاء تحالف إقليمي أمني وعسكري مع اسرائيل ما بدا وكأنه تأجيل لهذا الملف وليس إلغاءً له ، في ضؤ كيفية تلقف إيران اليد الممدودة من السعودية والخليج لتسوية الخلافات بالدبلوماسية .

٤- إفساح بعض الوقت الإضافي أمام الديبلوماسية للتفاهم مع إيران ما بدا وكأنه رمي لكرة الحل السلمي للملف النووي ولدور إيران الاقليمي المزعزع في الملعب الإيراني عبر الدعوة للتفاوض .

وفي المعلومات ان ثمة قناعة جامعة في القمة بان الداخل الايراني منقسم بين تيار يميل الى الدعوة للتفاوض والحلول السلمية مع المحيط الخليجي والاميركيين وبين تيار مقابل متشدد وهو تيار الحرس الثوري الايراني الذي يرفض التنازل عن منطق ونظرة الثورة لحساب الدولة الوطنية - ففي حال قبلت ايران بالتفاوض الجدي مع جيرانها لحل القضايا العالقة ديبلوماسيا ينتهي دور ايران الثورة والميليشيات في المنطقة .٥- طي نهائي لصفحة الجفاء الاميركي السعودي وتحديدا الديمقراطي مع ولي العهد محمد بن سلمان بعدما تأكد للرئيس جو بايدن أن الأخير هو مستقبل المملكة وعليه يتوقف مستقبل العلاقات مع واشنطن إن كانت جدية في استمرار الشراكة مع المملكة ودول الخليج والعالم العربي .

٦- القمة كرست انتهاء زمن داعش في المنطقة ومعها زمن الميليشيات والتنظيمات الارهابي للانتقال الآن الى الاعداد لانتهاء ميليشيات ايران في المنطقة من ضمن سياسة قوامها الديبلوماسية المصاحبة للقوة - ومن خلال تطوير الدفاع والامن المشترك بين الدول لمواجهة المسيرات والصواريخ وتسليح الميليشيات .

٧ - تثبيت التزام واشنطن الدائم بأمن شركائها والدفاع عن اراضيهم وتدعيم الشراكة في الشرق الأوسط ودعم الجهود الديبلوماسية لمنع ايران من الإستحصال على السلاح النووي والتصدي للإرهاب ولمحاولاتها في زعزعة الإستقرار - وهنا وبحسب المعلومات أيد الخليجيون والعرب مبدأ حل الملف النووي بالتفاوض ولكن ليس على قاعدة اتفاق ٢٠١٥ بل باتفاق جديد يراعي مصالح الدول الخليجية والعربية وأمن المنطقة .

٨- ضمان خلو منطقة الخليج كلياً من أسلحة الدمار الشامل ويشمل ذلك العراق وإيران بطبيعة الحال وفي المعلومات أن الرغبة الجامعة لدى العرب والاميركيين اشترطت لذلك عدم امتلاك إيران للسلاح النووي كي لا تضطر عندها الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الى امتلاك هذا السلاح .

٩- التزام وواشنطن بأمن الممرات المائية كباب المندب ومضيق هرمز بما يرسل رسالة حاسمة حازمة لطهران من مغبة التلاعب بأمن واستقرار تلك الممرات والمضايق .

١٠- اللافت أن هذه القمة اعطت العراق الحيز الكبير مشاركة ونقاشات واولويات انطلاقاً من عودة بلاد الرافدين إلى الحضن الخليجي العربي الطبيعي لها بحيث انه بدل دمج اسرائيل في منظومة المنطقة تم دمج العراق فيها لإبعادها عن محور ايران وتجسيد مبادرة الشام الجديد بين العراق ومصر والأردن على أنقاض الشام القديم الذي كان يمر بسوريا ولبنان وفلسطين .فالعراق اليوم امام انقسام شيعي عامودي بين الشيعة العرب الذين لم يعودوا وقوداً لإيران وطموحاتها الجامحة وشيعة ايران ومقتضى الصدر الذي وجه بالامس طلباً بتسليم ميليشيات ايران سلاحها كشرط لتشكيل حكومة جديدة جوبه برفض تلك الميليشيات للطلب .

١١- لبنان احتل في القمة كما في بيان القمة حيزا هاماً تمحور حول الاتي : كيفية إخراج لبنان من محور ايران - لأن منظومة الستة+٣ الاقليمية ستكون في مواجهة مع المحور الايراني الذي يشمل سوريا ولبنان وغزة - فبقاء لبنان في المحور الثاني خطير عليه وعلى ما تبقى من امل بإنقاذه أو المساعدة على إنقاذه .من هنا حرص الموتمر على رسم خريطة طريق للبنان قوامها :

اولا : ضرورة الإلتزام بالدستور اللبناني وبالانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري .

ثانيا : دعم سيادة لبنان، وأمنه واستقراره، وجميع الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي

ثالثا : دعم دور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ أمن لبنان وتنويه القادة بشكل خاص بمبادرات دولة الكويت الرامية إلى بناء العمل المشترك بين لبنان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبإعلان دولة قطر الأخير عن دعمها المباشر لمرتبات الجيش اللبناني وتأكيد الولايات المتحدة عزمها على تطوير برنامج مماثل لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.

رابعاً : ترحيب القادة بالدعم الذي قدمته جمهورية العراق للشعب اللبناني والحكومة اللبنانية في مجالات الطاقة والإغاثة الإنسانية .

خامساً : دعوة القادة جميع أصدقاء لبنان للانضمام للجهود الرامية لضمان أمن لبنان واستقراره

سادساً : وتأكيد القادة على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها.

ختاما نوجز بالاتي :

- عودة أميركية قوية الى المنطقة بمنطق الشراكة

- لبنان في القبضة الإيرانية ولخروجه لا بد من خريطة طريق والرهان فيها على الجيش .

- نمو وتنمية وأمن ومنظومة عربية متكاملة مهيكلة

العزم على تطوير التعاون بين دول ستة +٣ + اميركا بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، معبّرين عن أهمية استقرار أسواق الطاقة.

- المنطقة ليست حكرًا لأية قوة عظمى وخياراتها محكومة بمصالحها ولاختبارات الثقة مع الشريك الأميركي الذي تعهد أمن دولها وحماية مصالحها .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: