قيومجيان: "يمشي قاسم بخطة برّاك وما حدا قدّه"

IMG-20231119-WA0051

في لحظة سياسية مفصلية تتزامن مع عودة الموفد الأميركي توم برّاك إلى بيروت لتسلّم الورقة اللبنانية الرسمية، وفي ظل الخطاب التصعيدي لـ"حزب الله" وتمسّكه بسلاحه ورفضه المعلن لأي مشروع يُعيد للدولة سيادتها الكاملة على أرضها، يبقى الرأي العام اللبناني في خانة المشاهد والمترقب لما هو قادم في الأيام المقبلة من تطوّرات على الساحة المحلية، بين أصحاب القرار في الدولة، أصحاب السلاح غير الشرعي، وأولئك الذين خدعوا الناس باسم "الإصلاح".

بكلمات رصينة، ونبرة واضحة لا تعرف الالتباس، فجّر رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب "القوات اللبنانية" الوزير السابق ريشار قيومجيان سلسلة مواقف تكشف بوضوح خريطة الخطر الداهم على لبنان، من الداخل لا من الخارج، وحدّد بدون مواربة أنّ المعركة اليوم هي بين مشروعين: مشروع الدولة... ومشروع الدويلة.

لا نية لدى "الحزب" بتسليم سلاحه... والحجج تتبدّل

منذ اللحظة الأولى، لم يوارب قيومجيان في تقييمه لكلام أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، الذي وصف الورقة الأميركية بأنها "مشروع إسرائيلي". وردّ عليه بلهجة حاسمة قائلاً: "ما قاله الشيخ قاسم يُعبّر تماماً عن النية الحقيقية للحزب. لا نية لديه بتسليم سلاحه. كل مرة يختلق ذريعة جديدة: تارة الدولة غير جاهزة، وتارة أخرى الجيش غير قادر، ومرّة يخافون من داعش، أو من تهديد وجودهم... وكلها مجرد حجج لعدم تسليم سلاحهم".

وأضاف: "نحن أمام سياسة ممنهجة لإبقاء السلاح بقوة الفرض، وبذريعة المقاومة، بينما الهدف الحقيقي هو الإمساك بقرار الدولة من الداخل".

عزلة دولية بانتظارنا إذا لم نتحرّر

وحول ما إذا كان رفض الحزب للورقة الأميركية سيفتح بابًا على حرب جديدة، رفض قيومجيان منطق التخويف، مؤكدًا أنّ "الحرب الأهلية مستبعدة كلياً. أما في حال عدم تسليم السلاح، فلبنان سيواجه عزلة دولية تامة: لن تكون هناك مساعدات، لا إصلاح ولا مؤسسات، وسيدفع الشعب اللبناني الثمن كاملاً. أما إسرائيل، فهي تتحرّك لمصلحتها، ولا تنتظر أحدًا لتشنّ حروبها. من هنا، فإن الحل الوحيد هو بتسليم السلاح للشرعية وإنهاء هذه الحالة الشاذّة".

السلاح فَقَد مبرّراته... وأصبح أداة هيمنة داخلية

ردًا على ما يروّج له "حزب الله" من أن سلاحه هو "الضمانة الوحيدة بوجه العدوان"، قال قيومجيان: "أين هي هذه الضمانة؟ لم نرها حين أراد الحزب دعم غزة، ولا في تحرير مزارع شبعا، بل العكس هو الصحيح. سلاح الحزب جرّ على لبنان المزيد من الاحتلال والخسائر. لقد فقد سلاحهم كل مبرراته السيادية، وأصبح أداة لتحقيق مكاسب داخلية وفرض مشيئة سياسية على باقي المكونات".

وشدد على أن "هذا السلاح لم يعد سلاح مقاومة، بل سلاح فرض أمر واقع. والحزب يحاول الإبقاء عليه بقوة التخويف، ولكن سيبقى هناك من يقول له: لا. وسيبقى هناك من يتمسك بالدولة وبمشروع بناء مؤسسات حقيقية".

على الحكومة أن تقرّر... كفى شعارات!

وعن مدى واقعية الحديث عن نزع السلاح في هذه المرحلة، قال قيومجيان: "نعم، الدولة قادرة على تنفيذ هذا القرار. ولكن ليس عبر الشعارات، بل عبر خطة زمنية واضحة وجدول تنفيذ فعلي. نحن نأمل ألا تفشل هذه المحاولة الجديدة، وأن تتخذ الحكومة القرار الحاسم".

وعن محاولة "الحزب" ربط تسليم السلاح بانسحاب إسرائيلي جزئي من بعض النقاط، سخر قائلاً: "يمشي نعيم قاسم بخطة براك وما حدا قدّه!".

براك لا يحرّض الجيش... بل يساعدنا

وفي ردّه على اتهام قاسم بأن توم براك "يحرّض الجيش اللبناني على نزع سلاح المقاومة"، أكد قيومجيان أن "براك لم يحرّض أحدًا، بل يتعامل مع الدولة، ويطلب منها بوضوح إنهاء حالة السلاح غير الشرعي، لأن هذا هو المدخل الوحيد لأي إصلاح حقيقي".

وأضاف: "من هنا، على الدولة أن تحسم أمرها. فإما أن تكون هناك سيادة فعلية، أو "ما في"".

جبران باسيل: كذب وتزوير وهروب إلى الأمام

وإلى جبهة "التيار الوطني الحر"، ردّ قيومجيان على تصريحات رئيس التيار جبران باسيل الأخيرة بالقول: "جبران يحاول تعويم نفسه، وليس بوجهه سوى "القوات اللبنانية". نسي كل ما سببه هو وعمه من كوارث للبنان، سواء في الحكومة الانتقالية أو في العهد العوني الكارثي. أسلوبه أصبح باليًا، ولا أحد يصدّقه".

وأضاف: "الرأي العام يعرف جيدًا من هي "القوات اللبنانية"، وماذا فعلت، وماذا تَحقّق على يدها. الكذب والتزوير لم يعد يمرّ. لا يستحق الردّ، لأننا إن فعلنا نكون قد أعطيناه أكثر من حجمه الحقيقي".

المنتشرون ليسوا سلعة انتخابية!

وفي ما يتعلق بادّعاء باسيل بأن التيار هو من أعطى المنتشرين حقوقهم، وضع قيومجيان النقاط على الحروف: "أي حقوق؟ هل انتخاب 6 نواب فقط هو حق؟ الحق هو أن يشارك المنتشرون بانتخاب 128 نائبًا، كما أي لبناني مقيم، لا أن يُقصَوا عن القرار السياسي وانتخاب ممثلين غير معروف من يمثلون أصلًا".

ومع اقتراب موعد تسليم الورقة اللبنانية الرسمية إلى الموفد الأميركي الثلثاء، تتجه كل الأنظار إلى موقف الدولة اللبنانية: هل ستتجرأ على اتخاذ القرار السيادي المنتظر، أم سنشهد مجددًا تمييعًا وتمديدًا للأزمة؟ الأيام المقبلة ستكون مفصلية بين تثبيت مشروع الدولة... أو تكريس واقع الدويلة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: