"ولتتحطم جدران الطوائف، فيبقى لبنان الحقيقي شعباً ودولة، يمثّل على هذه الأرض الكريمة نبضةً حية للأمة العربية كلها". يكاد هذا القول أن يكون قد جمعَ كل ما آمن به كمال جنبلاط منذ بداية حياته السياسيّة التي لا يُمكن اختصارها بحقبة واحدة، ولا يمكن اختصاره هو فيها.
هذا القول المُقتَبَس من خطاب تلاه الشهيد كمال جنبلاط في قصر الأونيسكو بتاريخ ٦ آذار ١٩٧٦ دعماً للأسقف الكاثوليكي اليوناني في القدس هيلاريون كابوتشي الذي اعتُقل في السجون الإسرائيلية، ذلك التاريخ يصادف قبل سنة و١٠ أيام بالتمام والكمال من اغتيال أيدي الغدر لجنبلاط، ويكاد يكون مضمون هذا الخطاب وحيثياته واحد من أبرز الأسباب التي أدت لاغتياله، فلم يكن هذا الاغتيال لتصفية حسابات سياسية ضيّقة، بل كان يتخطّى ذلك بأشواط ليصل إلى تفتيت لبنان وتقسيمه وإضعافه وإبعاد كل الأقوياء من أمام المشروع المدمّر الذي يحكم هذا البلد اليوم.
كل ذلك يأخذنا إلى نقطة واحدة وهي أن حاجة لبنان اليوم لأفكار كمال جنبلاط وبرامجه الوطنيّة أكثر من ضرورية ومطلوبة في خضم كل تلك "المعارك" التي يشهدها البلد اليوم، إذ لا يمكن لبلد نهشته الطائفية وأنهكته التبعيّة الخارجية ألّا يعود إلى برنامج متكامل من الإصلاحات والوضوح والسياسة النظيفة.
لذا في هذه الذكرى، لا بدّ من القول أن أشخاصاً مثل كمال جنبلاط وقادة بقيمة هذا الرجل ورجال دولة عملوا من أجل الحفاظ على هذا البلد وكيانه وحريّته من كل أطياف المجتمع، لا يمكن أن يُكَرّموا إلا بالعودة إلى نداءاتهم ونهجهم ومسيرتهم وبرامجهم الوطنيّة وممارساتهم الجديّة لبناء وطن يليق بتاريخ ودور لبنان، ومع جنبلاط نقول ختاماً لجميع المسؤولين في هذه الدولة اليوم "إن القيادة القادرة على بناء إستقلال لبنان الحقيقي، لیست قيادة إسلامية ولا هي قيادة مسيحية، إنها قيادة وطنية لبنانية علاقتها هي بشعب لبنان الواحد، وبلبنان الشعب الواحد"، فاتعظوا!