كتب ماريو ملكون
أصاب الأستاذ داني حداد في مقاله “حزب المسيحيّين الأول” عبر موقع “ام تي في” الالكتروني، وذلك في تسليطه الضوء على أهمّيّة القطاع الخاص في صنع ريادة المجتمع اللبناني، والمسيحي على وجه الخصوص، حيث يُعتبر هذا القطاع جزءًا لا يتجزأ من عصب هذا المجتمع وديمومته وعاملًا رئيسيًّا في ثباته وانفتاحه وترسيخ وجوده.
لكنّ توصيف أهمّيّة القطاع الخاص واستطرادًا الاقتصاد الحرّ، يبقى ناقصًا، دون التأكيد على إلزامّيّة توفّر دولة فعليّة تصون عوامل نجاح هذا القطاع وتضمن كل مقوّمات الاستقامة لهذا الاقتصاد، فمن دون دولة فعليّة، تُصبح البلاد مشرّعة للاقتصاد اللاشرعي أي لقطاع متفلّت من أي ضوابط وقوانين ومعايير، ما يُشكّل تهديدًا مباشرًا لأي عمل أو مهنة أو مصلحة أو مؤسسة في القطاع الخاص، حيث يتمكّن “اللاشرعي” من التهام الاقتصاد وكل الانتاج المُقَونَن عبر تمرّده على النّظم الضريبية والشرعية برمّتها، ويضرب بذلك أسس العدالة والمنافسة الشرعية، عدا عن تشكيله خطرًا أمنيًّا لروّاد هذا القطاع ومصالحهم واستثماراتهم.
إنّ وجود الدولة الفعليّة وبالتالي تسيّد القانون، يُعدّ شرطًا رئيسيًّا لنجاح القطاع الخاص في أي بقعة جغرافية، وهو تمامًا ما تعمل لأجله “القوات اللبنانية”، أقلّه منذ ١٩ عامًا حتى اليوم، حيث تناضل سياسيًّا في وجه كل ما هو غير شرعي، بهدف إرساء حكم المؤسسات، لا شريعة الغاب، كما تواجه كل مَن وما يرتبط بفساد وزبائنيّة وتنفيعات.
من هنا، إنّ شمل كل القوى السياسية، وتحديدًا الأحزاب المسيحية، ضمن إطار واحد، وقالب واحد، واتهام واحد، ليس في مكانه البتّة، فمن غير الجائز أن يُوضَع مَن قدّم أمثولة حيّة أمام كل اللبنانيين، في الشفافية والنزاهة والسّعي الدؤوب لدولة فعليّة بكل ما للكلمة من معنى، أي “القوات اللبنانية”، ضمن خانة واحدة، مع قوى مارست كل الموبقات بحقّ اللبنانيّين عمومًا والمسيحيّين خصوصًا، واستفحلت في تغطية السّلاح اللاشرعي، والاقتصاد اللاشرعي، واحترفت في ملاحقة كل تألّق وكل رأي وكل إنتاج، إعلامي واقتصادي وقانوني، وذلك لأهداف فئوية، وامتهنت تفريغ القطاع الخاص والاقتصاد الحر إرضاءً للدويلة ومشروعها الذي لا يؤمن لا باقتصاد ولا بحرّيّة ولا بدولة.
إنّ المسيحيّين يطلبون دولة حقيقيّة لا صوريّة، لأنّ وجودها هو الدعم الأكبر لهم، فدونها ستبقى كل مصالحهم وأعمالهم وأرزاقهم عرضة للانهيار والنكبات والافلاس.