"لبنان أمام خيارين".. نصار: دولة القانون أو الفوضى

nassar

افتتحت أعمال منتدى سيادة القانون الذي تنظّمه مؤسسة كونراد اديناور  Konrad Adenauer Stiftung  بالتعاون مع مؤسسة صادر  SADER، بنسخته الثالثة لعام 2025، في فندق موفنبيك، بمشاركة وزير الإعلام المحامي د.بول مرقص ووزير العدل المحامي عادل نصار وعدد من الشخصيات الديبلوماسية والقضائية والأكاديمية والاعلامية.


بداية القى مدير البرامج القانونية في أديناور البروفسور في الشرق الاوسط وشمال افريقيا هانز ديتشي كلمة رحب فيها بالمشاركين مشددا على "اهمية الموضوع من اجل نشر ثقافة العدالة وتطبيق القانون".


ثم تحدث رئيس مؤسسة يوسف صادر للمنشورات القانونية الاستاذ راني صادر فقال:
"نحن نحتفل ب100 سنة على صدور الدستور اللبناني الذي صدر عام 1926، وهذا يقودنا إلى البدء في إعادة تفكيك العديد من المفاهيم، خصوصا موضوع حقوق الإنسان. نحن اليوم لا نستطيع أن نفكر في واقع مستقل أو في التنمية من دون أن نسأل أنفسنا: ماذا نريد أن نترك لأبنائنا؟ فنحن عادة نفكر في جيل أو جيلين أو ثلاثة، بينما من الواجب أن نفكر في 6 أجيال مقبلة. يجب أن نفكر على مدى 100 سنة للأمام على الأقل. كما أننا نتحدث أيضا عن القضايا التي نشهدها اليوم، والتي نراها في المنطقة. هل سنفعل شيئا ستكون نتائجه بعد 100 أو 150 سنة؟ هل ينبغي أن نغيره أو نبقي عليه؟ لا أستطيع أن أقول إننا نستطيع التحدث عن التطور وعن التنمية الاقتصادية من دون التطرق إلى التنمية الاجتماعية والإنسانية والذكاء الاصطناعي والإشكالات المرتبطة بها".


ثم تحدث سفير المانيا في لبنان كورت جورج شتيلفريد فقال: أود أن أعرب عن خالص تقديري لمؤسسة كونراد أديناور وللبروفيسور نيتشه، الذي بدأ مهامه في بيروت الأسبوع الماضي. كما أتمنى لكم ولفريقكم كل التوفيق في هذه البداية الجديدة. لطالما سعت مؤسسة كونراد أديناور، المعروفة باسم "الأكورديونات"، إلى تعزيز الحكم الديموقراطي والحوار الدستوري وتبادل الآراء القانونية في لبنان. ويوفر لنا لبنان مساحة لهذا الحوار في هذه الأوقات العصيبة، وفي حالتنا، مساحة تمكننا من التركيز على أسس كل مجتمع فاعل.

وألقى مرقص كلمة اشار فيها الى أن عنوان ورشة العمل "القاعدة الحقوقية وليس سلطة القانون" يعكس فارقا جوهريا بين القانون التقليدي والقاعدة الحقوقية"، لافتا إلى أن "القانون في لبنان غالبا ما يرتبط بالرهبة والتسلط، بينما القاعدة الحقوقية تطمئن المواطن لأنها تنطلق من المعايير والحقوق الإنسانية، وليست مجرد تطبيق نصوص قانونية قد تتعلق بالعقوبات أو الضرائب".

وشدد على أن "القاعدة الحقوقية تركز على الحقوق والحريات، مما يجعلها أداة أكثر عدلا وإنصافا في حماية المواطنين".

أضاف: "القاعدة الحقوقية والعدالة في التطبيق تتجاوز مجرد الترجمة النظرية للقانون"، مشيرا إلى "أهمية التطبيق العملي للحقوق خصوصاً عندما يشغل الشخص مسؤولية معينة لا علاقة لها مباشرة بالمحكمة أو الحكم القضائي أو حتى بتطبيق القانون الصارم".

وأوضح ان "الممارسة العملية المواطنية حتى بالادارات العامة، بالنسبة للموظفين، لها علاقة بمعيشتهم وبحقوقهم، وليس فقط بالمحكمة او اذا كان هذا الحكم جائرا أم لا، وعلينا التمييز بين نوعين من المستويات، وأتمنى بحث ذلك في نقاشاتكم القيمة حول ما يسمى بنى فوقية، فهي دستورية وادارية ولها علاقة بالمحكمة الدستورية أو المجلس الدستوري ، كما لها علاقة بالقانون الاداري أو بالاحكام العدلية".

ولفت وزير الإعلام إلى أن "العمل في وزارة الإعلام لا يقتصر على الجوانب الإعلامية فحسب، بل يشمل أيضا التشريعات والقاعدة الحقوقية وتحقيق العدالة". وأوضح" كيف تترجم هذه المسؤولية على أرض الواقع من خلال محاور أساسية اولها، قانون جديد للإعلام، فالقانون الحالي عمره ثلاثون عامًا، وخلال هذه الفترة تغيّر الإعلام بشكل جذري، فلم يعد المواطنون يعتمدون فقط على نشرات الأخبار اليومية، بل أصبح الإعلام  فن وحكمة ودراية الاعلاميين من أجل التشويق والتحليل ووضع نشرة الاخبار في قالب جيد نستطيع حضورها ليلا".

أضاف أن "العمل على القانون استغرق 15 سنة من النقاش في اللجان النيابية والمطبخ التشريعي، حيث ابديت ملاحظات عليه في السنوات الماضية، كخبير وطني بمساعدة خبير عالمي وعدد من الجمعيات". وأوضح أن القانون كان "متوقفًا في اللجنة الفرعية لأسباب قاهرة، لكنه تم إنجازه حديثا ووُضع على جدول لجنة الإدارة والعدل، التي أقرّت النص منذ أسبوعين، تمهيدًا لعرضه على الهيئة العامة".


وأكد مرقص أن "القانون الجديد للإعلام يضمن حرية الإعلام، ويحمي الإعلاميين، وينشئ هيئة مستقلة مدنية ومهنية لمساءلة الإعلاميين، بما يعكس التزام الوزارة بالمعايير الحقوقية والعدالة في العمل الإعلامي".

ثم القى الوزير نصار كلمة قال فيها: اتشرف أن اكون معكم اليوم للتحدث عن سلطة وسيادة القانون، لكن دعوني اليوم أن أتطرق الى جانب مختلف من الجوانب الاساسية التي أتطرق اليها عادة، لاسيما استقلالية القضاء ومكافحة الفساد، فهذه مواضيع أساسية لا يمكن أن نكون في دولة عادلة وقابلة للحياة، بدون قضاء فاعل ومستقل، ومكافحة الفساد. إنما اليوم أود أن اتطرق الى نظرية دولة القانون، وتفاعل المجتمع مع القاعدة القانونية.

اضاف: "بداية على الجميع من المسؤولين من القطاع العام والقطاع الخاص والمواطنين عموما والمجتمع أن ينظروا الى القاعدة القانونية بأنها السبيل الوحيد ليس فقط لتحديد الموجبات وملاحقة الفاسدين بل لحماية المجتمع وتنظيمه وحماية الضعيف من القوي ومنح المجتمع الأمن القانوني، فما هو الامن القانوني، وباختصار يمكننا تعريف الامن القانوني بأنه ما يحمي الانسان من الاستنسابية والانتقائية وهذا ما يمنع منح مفعول رجعي للقوانين الضرائبية أو القوانين الجزائية، والسبب بسيط هو أن هدف القاعدة القانونية هو تنظيم المجتمع وتحديد الحقوق والواجبات، وليس مفاجئة الانسان أو اعطاء السلطات الرسمية صلاحية الاستنساب بحقه، فدولة القانون تخضع السلطة العامة للقانون وتخضع الناس للقانون".

ورأى انه"لا يجوز للسلطات العامة أن تتحرر من القاعدة القانونية والا سقط النظام القانوني وحقوق الانسان".

واشار الوزير نصار الى استمرار "الاجتهاد في المحاكم الاوروبية حول حقوق الانسان،على تأكيد هذه المبادىء، إذا الامن القانوني يحدد وجوب دولة القانون وهو الذي يحمي الحريات العامة، ومن هذا المنطلق علينا أن نعيد النظر بما أصبح سائدا في المجتمع اللبناني وكأنه قاعدة قانونية، وهو أن الضرورات تبيح المحظورات.
بينما في الحقيقة أنه في وقت الازمات التقيد بالقانون يبقى الاهم".

وتابع:"يرى المواطن في دور المؤسسات الرسمية رسالة عن كيفية وأهمية مقاربة القانون، فعندما يحوّل القانون الى وجهة نظر بمنظار الجهات الرسمية، فإنه من الصعب جدا الطلب من المواطن، أن ينظر الى القانون نظرة احترام، والسؤال الجوهري اذا يربط مباشرة بدور المجتمع في الديموقراطية بالتأثير على طبيعة وجودة القاعدة القانونية وضمان الامن القانوني".

وختم مؤكدا ان "لبنان اليوم أمام مفترق طرق، والمجتمع امام امتحان إما بناء دولة القانون وإما الانزلاق مرة جديدة نحو الفوضى، وبناء دولة القانون يتطلب اولا المحاسبة السياسية التي لا تقل اهمية عن المحاسبة القضائية".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: