كتب جورج أبو صعب
مع تفجر صدمة أفغانستان – وتشظي المنطقة بنتائجها وزيولها – بات من الواضح والأكيد ان المنطقة ومن ضمنها لبنان امام حقائق واجندات جديدة :
ثمة حاليا 4 اجندات متقاطعة في المنطقة :
أولا : الاجندة الخليجية : وتتجلى ابرز تقاطعاتها في امرين أساسيين : الملف الافغاني والملف الإيراني سيما بعدما ترسخ التوتر الأميركي – السعودي المستحكم على خلفية رفض المملكة الطلب الأميركي باستقبال الأفغان ونسف موعد وزير الدفاع الأميركي – والتوجه السعودي الى شراء الترسانة الصاروخية الروسية ردا على امتناع واشنطن الإبقاء على ترسانتها في المملكة وصولا الى احياء اللقاءات السعودية الإيرانية المرتقبة لمحاصرة اية مفاعيل سلبية لاستئناف مفاوضات فيينا على حساب المصالح الخليجية وتحديدا السعودية – وقد بدأ التوتر السعودي الأميركي يبلغ حدودا لم تكن يوما في الحسبان مع استمرار الرياض في الإمساك بالقرار الخليجي حيال ملف لبنان والذي لا يبدو سائرا نحو الحلحلة في القريب المنظور .
ثانيا : الاجندة العربية : منذ قمة الشام الجديد العراقية المصرية الأردنية – حيث انطلقت دينامية عربية جديدة – تلاقي التخلي الأميركي عن المنطقة والاستعداد لاستئناف المفاوضات النووية في فيينا – برعاية مصرية أساسية في المنطقة رافقتها دينامية فرنسية بالاتفاق الثنائي منذ قمة بغداد الأخيرة مع العراق وبموافقة إيرانية – دشنها الاتصال الهاتفي بين ماكرون ورئيسي – تقضي في احدى ابرز مضامنيه – بالبت في صفقة شركة توتال في البصرة – وصولا الى القمة المصرية الإسرائيلية الأخيرة في شرم الشيخ والتي تهدف القاهرة من خلالها الى احياء المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في شرم الشيخ المتوقعة قبل نهاية العام الحالي فضلا عن تهيئة ظروف إنجاح مشروع الشرق الأوسط الاقتصادي وتوسيع طاولة السلام في المنطقة – علما ان مصر باتت تتحكم مجددا بإدارة الملف الفلسطيني وقد سحبته من دائرة الاستثمار الإيراني ما يعد سببا من أسباب قرار ايران ووكلائها في المنطقة ومنهم حزب الله في لبنان اللعب على المكشوف .
ثالثا : الاجندة الإيرانية : فايران رئيسي هي ايران المناورات الديبلوماسية والميدانية لان طهران في هذه المرحلة – تحاول في الحد الأقصى من جهة كسب الوقت لمزيد من معدلات التخصيب وفي الوقت عينه تحاول ابتزاز واشنطن والغرب باستخدام حد اقصى من الضغوط المضادة لحمل الغرب على التقليل من شروطه لاستعادة المفاوضات في فيينا.
ايران تلعب على التناقضات الدولية بين الجبارين الأميركي والصيني وتمرر في الوقت عينه صفقات متوسطة مربحة لها كصفقة توتال الفرنسية في البصرة وتشكيل حكومة لبنانية بالحد الأدنى المقبول مع كلمة الفصل لوكيلها حزب الله .
رابعا : الاجندة الأميركية – الإسرائيلية : واشنطن تهم بالانسحاب من سوريا والعراق ويهمها الحفاظ على مصالح إسرائيل – وإسرائيل حكومة بينيت الباحثة عن تناغم مع إدارة بايدن عكس حكومة نتانياهو السابقة – تقبل بالتقليل من شروطها الصارمة إزاء الملف النووي بما لا يخل بتفوقها الاستراتيجي على دول المنطقة بما فيها ايران – ولو تطلب ذلك التناغم التحالفي مع العرب والخليجيين في مواجهة الغطرسة الإيرانية في الملف النووي .
اذا في خضم كل هذه التطورات المتسارعة والمتتابعة – يصبح من الطبيعي ان يودع لبنان في غرفة الإنعاش المؤقت – ومن الطبيعي ان يتطلب انعاشه الامداد من دول المنطقة وبخاصة مصر والأردن وسوريا – تحت اعين وتنسيق الثنائي الأميركي – الروسي – بانتظار توضح معالم الحارك والتقلبات الدراماتيكية التي انطلقت شرارتها من كابول وسببت تسونامي سياسات واستراتيجيات جديدة تجتاح المنطقة – في وقت تشتعل الجبهة الشرق اسيوية حيث ارض المبارزة الأهم لواشنطن .