اوضح مصدر سياسي أن “ردود الفعل اللبنانية بعد التصعيد الأميركي ـ الإيراني جاءت لتعكس وعياً متقدماً حيال خطورة المرحلة. فمستوى الضربة الأميركية، من حيث التوقيت والدقة والموقع، لم يكن اعتيادياً، بل ينذر بتوسيع إطار المواجهة إلى مستويات غير مسبوقة. لذا، فإن موقف بيروت الواضح والقاطع برفض الانخراط في هذا النزاع، ليس مجرد تعبير سياسي بل خيار وجودي، يستند إلى تجارب سابقة دفعت فيها البلاد أثماناً باهظة بسبب التموضع أو التورط أو الاستغلال”.
يقول المصدر السياسي نفسه “يسجل إجماع نادر بين الأحزاب السياسية على ضرورة النأي بالنفس عن هذا الصراع، لا من باب الحياد السلبي، بل انطلاقاً من مصلحة وطنية عليا تعتبر أن حماية الاستقرار الداخلي هي المدخل الوحيد الممكن لإعادة بناء الدولة. أما في الخارج، فثمة تواصل مكثف مع العواصم المؤثرة، بهدف إيصال رسالة واضحة: لبنان لا يريد أن يكون ساحة لتصفية الحسابات، ولا يملك ترف الدخول في حرب غيره”.
هذا التحرك اللبناني يترافق مع دعوات متكررة من عدد من الدول الكبرى لضبط النفس والعودة إلى الحوار لتفادي الأسوأ، خصوصاً ان المؤشرات كلها تدل على أن التصعيد قد لا يكون محدوداً زمنياً أو جغرافياً، وأن المنطقة مقبلة على مزيد من الفوضى إذا لم تبادر الدول المؤثرة إلى إطلاق مسار تفاوضي حقيقي، يعيد ضبط التوازنات ويمنع الانهيار الشامل.
ويضيف المصدر ان “التحذير من الانفجار الكبير لا يعني التسليم بالعجز، لكنه يعكس خشية حقيقية من أن يتحول لبنان مرة أخرى إلى ضحية حسابات لا تعنيه. فالتاريخ القريب والبعيد يفيض بأمثلة مؤلمة عن دفع الشعب اللبناني ثمنا باهظا لصراعات الآخرين على أرضه. واليوم، في لحظة تبدو فيها موازين القوى الإقليمية والدولية على فوهة بركان، لابد من تفعيل كل أدوات الحذر والوقاية، لمنع العاصفة من اقتلاع ما تبقى من استقرار يعمل على تركيزه وتثبيته في لبنان. لا مصلحة للبنان، لا اليوم ولا غدا، في أن يتحول إلى مسرح ناري لأي محور أو معسكر”.
وبحسب المصدر “الرسالة واضحة لدى الرئاسة والقيادات: الوقت ليس للرهانات، بل للتضامن الوطني، ورص الصفوف، ومخاطبة المجتمع الدولي بلغة المصلحة اللبنانية الصافية. ففي مواجهة هذا النوع من العواصف، وحدها الدول التي تحسن تقدير الموقف وتتصرف بحكمة، تنجو”.