بعد أكثر من جلسة تحقيق واستجواب، خلُص القضاء اللبناني، عبر قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا، الى قاعدة بيانات تشير الى أن حاكم المركزي، وعلى بعد أيام خمسة من انتهاء ولايته التي دامت نحو ثلاثين سنة على رأس هرمية حاكمية مصرف لبنان، قدّم أجوبة ” كافية ووافية” خلال جلستي استجوابه، ما استدعى، بحسب أبو سمرا، إنهاء التحقيق معه في إدعاء الدولة اللبنانية عليه، وذلك بمعزل عن الملفات القضائية الأجنبية ضده، بدءاً بملف القضاء الفرنسي الذي تلاه الملف الألماني وما تبعه و سيتبعه من ملفات لدول أخرى.
خطوة القاضي أبو سمرا لم تأتِ عن عبثٍ، إذ يفيد مصدر قضائي لLebTalks أن قاضي التحقيق يتصرّف، بما يتضمنه ملف الإدعاء على سلامة أمام القضاء اللبناني، على قاعدة ” بلا وجعة راس… مش حرزانة”، في دلالة على عدم رغبته في تعقيد الأمور والدخول في متاهات هو بغنى عنها، على مسافة غير بعيدة من أحالته على التقاعد، وهي قاعدة يعتمدها في الغالب عدد من القضاة على مشارف تقاعدهم من الخدمة في القضاء العامل.
خلاصة أبو سمرا المتماهية مع ضبابية ما أدلى به حاكم المركزي من أجوبة لم تُقنع رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، والتي حضرت كل جلسات الاستجواب التي مثُل خلالها الشقيقان سلامة وماريان الحويك، بصفتها ممثّلةً للدولة اللبنانية، ما دفعها الى الاعتراض على المسار القضائي الذي اعتمده أبو سمرا فطالبت باستجواب الحاكم من جديد، علماً أن رجا سلامة شقيق الحاكم ومساعدته ماريان الحويك سيمثُلان اليوم أمام أبو سمرا في جلسة استجواب تقرّرت الأسبوع الفائت.
هي “قطبة مخفية” تكمن ربما في “تقاطع مصالح” بين القضائي اللبناني والأوروبي حول مصير سلامة ” الفار من وجه العدالة” بالنسبة الى القضاة الأوروبيين وعلى رأسهم قاضية التحقيق الفرنسية أود بوريسي التي تتهم سلامة، ومعه كل مَن يظهره التحقيق، بارتكاب جرائم مالية عدة، والقضاء اللبناني الذي إدّعى عليه بشبهات مختلفة منها الرشوة، والتزوير واستعمال المزوّر، والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي، ما يُشرّع طرح سؤال قد يبقى على الأرجح من دون إجابة هو حول الدافع الحقيقي وراء موقف أبو سمرا غير المبرّر وغير المقنِع، مع الإشارة ومع فرضية حسن النيّة” في طرح السؤال المُشار اليه “، أن ما قام به قاضي التحقيق قد يكون لعدم انزلاق ” العملة الوطنية” الى دَرْكٍ أعمق من الذي وصلت اليه، في الوقت الذي تشير فيه سوابق مسجّلة على أبو سمرا عن تسهيل إفلات عدد من الشخصيات النافذة من العقاب في ملفات قضائية عدة!
