كتبت جويس عقيقي في نداء الوطن:
جاءت حادثة الروشة لتزيد أزمة على الأزمة، فكانت الواقعة بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام.
فسلام "راح للآخر" بموضوع الروشة محاولًا منع "حزب الله" من إضاءة صخرة الروشة بصورتي النائبين العامين السابقين لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، لكنه عجز عن "تقويم كلمتو" وأضيئت الصخرة بتحدٍ واضح وصارخ وعلني من "حزب الله" الذي أطلق العنان لـ "جماعتو" ولجيشه الإلكتروني لتحدي سلام ومهاجمته حتى "بالشخصي"!
أكثر من ذلك، بعد إضاءة الصخرة، أصدر سلام بيانًا أكد فيه أن ما حصل في الروشة يشكل مخالفة صريحة لمضمون الموافقة التي أعطيت لمنظمي التحرك مؤكدًا أنه اتصل بوزراء الداخلية والعدل والدفاع وطلب منهم اتخاذ الإجراءات المناسبة، بما فيه توقيف الفاعلين وإحالتهم على التحقيق لينالوا جزاءهم، مضيفًا أن هذا التصرف المستنكر لن يثنينا عن قرار إعادة بناء دولة القانون والمؤسسات بل يزيدنا إصرارًا على تحقيق هذا الواجب الوطني".
وما زاد في الطين بلّة، كلام الحاج وفيق صفا الذي ورّط فيه قائد الجيش والقوى الأمنية عندما شكرها على التنسيق معه في التحرك، ما أدى إلى شن حملة على الجيش والقوى الأمنية نتيجة تصرفها، وهذا ربما ما كان يريده ويسعى إليه صفا.
أما رئيس الجمهورية، فكانت لديه وجهة نظر أخرى قوامها: "حماية البلد من نيران الفتنة" فكانت أولوية الأولويات بالنسبة إليه درء الفتنة. من هنا جاء بيان وزير الدفاع (المحسوب على عون) عالي النبرة تجاه رئيس الحكومة الذي أكد فيه ولاءه لقائد الجيش ولرئيس الجمهورية، فاشتعلت الأمور أكثر بين عون وسلام إلى أن وصلت إلى أوجها بعدما عمد رئيس الجمهورية إلى تقليد قائد الجيش العماد رودولف هيكل وسام الأرز من رتبة الوشاح الأكبر "تقديرًا لعطاءاته وللمهام القيادية التي يتولاها كما ورد في الخبر الموزع من بعبدا.
هذه الخطوة التي قام بها عون فهمت على أنها تحدٍ واضح لسلام ورسالة قوامها: "قائد الجيش خط أحمر".
وعلى وقع كل ذلك، وبعد ثلاثة أيام من عودة الرئيس عون من "نيويورك"، اتصل رئيس الحكومة نواف سلام ببعبدا الأحد طالبًا موعدًا للقاء عون، واتفق الرجلان على اللقاء الثلثاء بما أن الإثنين كان موعد عقد جلسة برلمانية في مجلس النواب سيحضرها سلام.
وهكذا حصل، عند التاسعة والنصف من صباح الثلثاء، حضر سلام إلى بعبدا و"مرّ القطوع" كما تقول مصادر مطلعة على لقاء "عون - سلام"، فأزمة الحكم التي مر بها الرجلان يبدو أنها "انحلّت" بحسب المصادر.
وعلمت "نداء الوطن" أن اللقاء اتسم بالهدوء، والجلسة التي بحث فيها الرجلان حادثة الروشة بكل جوانبها كانت صريحة، عرض خلالها كل من عون وسلام وجهة نظره.
وعلمت "نداء الوطن" أن رئيس الجمهورية قال لسلام: "الجيش خط أحمر ولا يجوز التعرض له وللقوى الأمنية، فالجيش لا يمكن وضعه في مواجهة أحد، الجيش والقوى الأمنية من صلب عملهما منع الفتنة" وأضاف عون أنه لا يجوز اتهام الجيش والقوى الأمنية بالتقصير.
أما سلام فكرر أمام عون مواقفه السابقة وقال له إن منع الفتنة لا يكون على حساب تنفيذ القانون بل بالعكس يكون عبر تطبيق القانون بالتساوي بين الجميع وقال: "ما حصل في حادثة الروشة كان مسًا بهيبة الدولة وكان يجب علي أن أتصرف بناءً على ذلك" وبحسب معلومات "نداء الوطن" شدد سلام أمام عون مجددًا على ضرورة توقيف كل من خالف القانون وإحالتهم على التحقيق لينالوا جزاءهم، في وقتٍ قالت مصادر مطلعة على مواقف عون لـ "نداء الوطن" إن عون وسلام اتفقا على ضرورة استكمال التحقيق مع المخالفين ولكن ليس مع ضباط وعناصر الجيش أو القوى الأمنية.
على أي حال، الجلسة كسرت الجليد، لكنها لم تنهِ رواسب التوتر الذي حكم علاقة عون وسلام في الفترة الأخيرة في أكثر من ملف وآخرها ملف حادثة الروشة، وأكبر دليل على ذلك عدم دعوة سلام حتى الساعة مجلس الوزراء للانعقاد، في حين تؤكد معلومات "نداء الوطن" أن أي جلسة لمجلس الوزراء لن تعقد هذا الأسبوع.
ولكن رغم الاختلاف اتفق الرجلان على متابعة التنسيق في المرحلة المقبلة علمًا أن مصادر مطلعة على علاقة الرجلين تؤكد لـ "نداء الوطن" أن هذه العلاقة لم تنقطع يومًا وقد حصل أكثر من اتصال بين عون وسلام أثناء وجود الرئيس عون في نيويورك أحدها كان أثناء تحرك "الروشة" وليس صحيحًا أن الاتصال انقطع في ما بينهما.
أما القول إن رئيس مجلس النواب نبيه بري مهّد للقاء "عون - سلام "، وتوسّط لسلام عند عون عندما زار بعبدا منذ ساعات، فتؤكد المصادر أن هذا الأمر لم يحصل وأن علاقة عون وسلام لا تحتاج وساطة أحد ولم تنقطع يومًا رغم الاختلافات.
وفي وقت لوحظ وصول سلام متجهّم الوجه إلى بعبدا لوحظت أيضًا مغادرته وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة وعلامات الارتياح، بعدما رافقه رئيس الجمهورية إلى الباب مودعًا.