لهذه الأسباب تأقلم اللبنانيون مع الأنهيار؟

عيد-الاستقلال-علم-لبنان-4

تزامناً مع انهيار الليرة إلى مستويات غير مسبوقة مقابل ملامسة الدولار عتبة الخمسين ألف ليرة ، تتراكم الأزمات والتحديات الإقتصادية والإجتماعية، إلا أن الصورة التي تظهر في بعض المجالات تؤشر إلى "تطبيع" لدى اللبنانيين مع الإنهيارات المتراكمة، حيث أن الحياة الإجتماعية والحركة الناشطة في المرافق السياحية على وجه الخصوص تؤكد أن فئة من المجتمع ما زالت تحافظ على المستوى الإجتماعي نفسه رغم الأزمة المالية.
وفي هذا السياق وجد الكاتب والمحلل ألان سركيس أن المواطن اللبناني، يتجه إلى التأقلم مع الواقع الصعب والتحديات التي يواجهها منذ بدء الإنهيار المالي في العام 2019.
وقال الكاتب سركيس لlebTalks، إن لبنان اليوم يعيش واقعاً مختلفاً عن السابق، حيث أن تحويلات المغتربين التي تجاوزت ال6 مليارات في العام الماضي، والمساعدات التي تؤمنها الجمعيات الإنسانية، قد ساهمت في التخفيف من أثر انهيار الليرة وانهيار المصارف وخسارة الودائع. كما لفت إلى أن أصحاب المهن الحرة وسائر القطاعات الإقتصادية، يتعاملون بالدولار ويحققون الأرباح واستعادوا نمط أعمالهم السابق، إنما المتضرر الوحيد هو الموظف في القطاع الرسمي، علماً أن غالبية الموظفون لا يذهبون إلى عملهم يومياً.
ولكن الأبرز على هذا الصعيد، كما كشف سركيس، يتمثل في النهج الذي يعتمده اللبناني الذي كان اتخذ احتياطاته للتحديات التي واجهته، إنطلاقاً من مبدأ "القرش الأبيض لليوم الاسود" أو المرحلة الصعبة التي قد يواجهها في حياته، وهذا ما ساهم في صموده أمام الأزمات.
بالإضافة إلى ذلك، تحدث سركيس عن أنه ومنذ الإنهيار في العام 2019 إلى اليوم، إنخرط المواطنون في عمليات المضاربة في السوق السوداء وفي تجارة الشيكات، ما يؤكد وجود الأموال والدولارات في البلد، علماً أنه لو ضربت هذه الازمة بلداً غير لبنان ، لكان انهار بالكامل، لكن لبنان بلد غني وهو ليس فنزويلا او الصومال او مصر، كما أن الطبقة المسحوقة اليوم، كانت موجودة أيضاً في السابق عندما كان سويسرا الشرق.
ورداً على سؤال حول التحديات التي يواجهها المواطن اليوم، أوضح سركيس، أن أزمتين "موجعتين" للبناني، وهما الكهرباء والإستشفاء، وأمّا في ما عدا ذلك، فقد استطاع أن يعتاد ولو بصعوبة على موجة الغلاء.
واستدرك مشيراً إلى أن الأزمة الإقتصادية الحادة، بدأت في العام 2015 وتطورت في العام 2016 نتيجة المقاطعة العربية بسبب عدم تصويت لبنان مع الدول العربية التي تضامنت مع السعودية عندما تعرضت سفارتها للإعتداء في إيران، ثم أتى الإنهيار المالي والثورة، ولكن اللبنانيين قد تأقلموا مع هذه الأزمة.
ولاحظ أن قسماً من اللبنانيين يملك الأموال، ومن يتلقى الدولارات النقدية من الخارج يحركون العجلة الإقتصادية فيستفيد القسم الذي لا يتلقى أي دعم خارجي، كذلك فإن الدولة غنية ولديها الكثير من الأملاك، إنما المشكلة تبقى أن الكميات الكبيرة من الدولارات التي تدخل الى لبنان لا تمر عبر النظام المصرفي، وبالتالي فإن القطاع المصرفي قد ضُرب وإدارة الدولة قد ضُربت أيضاً، ممّا يجعل من عمليتي إعادة هيكلة المصارف وإعادة تكوين إدارة جيدة للقطاعات الرسمية، خطوتين ضرورتين للخروج من الأزمة، لأن لبنان لا يقوم من دون نظام مصرفي كان قد تميز به في الخمسينات.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: