فشل المسؤولون اللبنانيون مجدداً في انتخاب رئيس للجمهورية وسط انهيارات متتالية في كافة القطاعات في البلد ووصوله إلى دركٍ من الصعب الخروج منه من دون سلطة فاعلة تمتلك مقوّمات الإنقاذ كافة. وفي هذا السياق، تتجّه الأنظار نحو ما سيحمله الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان إلى لبنان غداً، فلا شك أن هذه الزيارة أُثير حولها الكثير من التأويلات والتوقّعات لناحية ما يمكن أن تنتجه وحول أهدافها، إلا أن المؤكّد الوحيد بحسب معلومات LebTalks فهو أن هذه الزيارة ستكون للاستماع إلى آراء جميع الأطراف اللبنانية كي يُبنى على الشيء مُقتضاه ونقله للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمؤكّد أكثر هو أن هذه الزيارة ستنقل جديّة ورصانة اللقاء السعودي - الفرنسي الذي حصل الأسبوع الماضي والذي انتهى بحسب معلومات موقعنا بزيارة لوزير الخارجية السعوديّ الأمير فيصل بن فرحان إلى إيران، كان ظاهرها فتح السفارة السعودية في طهران وباطنها يتضمّن محاولة اتفاق للوصول إلى حلٍ في لبنان، وقد عاد بن فرحان مجدداً إلى فرنسا وهو لا يزال حتّى اليوم في الإليزيه.
وتضيف المصادر أن اللقاء السعودي - الفرنسي وضع خطوطاً عريضةً بما خصّ الشأن اللبناني، وتم الاتفاق عليها بالتماهي مع اللقاء الخُماسي، والحديث الراهن المتداول هو أن اللقاء الخُماسي سيتم هذه المرة بحضور لودريان بعد زيارته إلى لبنان، بصفته مسؤولاً عن الملف اللبناني في الإليزيه وموفداً رئاسياً لماكرون إلى بيروت، ما يعني أن لودريان لا يحمل في جعبته قرار انتخاب رئيس للجمهورية بل سلّةً متكاملة تم التوافق عليها بين ماكرون وبن سلمان، وهذا ما سيتم وضع المسؤولين الذي سيلتقيهم لودريان في أجوائه، فالحل المطروح هو الاتفاق على إسم لرئاسة الجمهورية ولرئاسة الحكومة في آن معاً، وذلك لتفادي الوقوع في مُعضلة التكليف والتأليف بعد انتخاب رئيس الجمهورية ودخول البلد بمعضلة جديدة من الصعب تخطيها ومن شأنها أن تزيد الأزمات، إلا أنه وبحسب معلومات LebTalks فإن الحديث الذي يفيد بأن الاتفاق سيكون على إسم لرئيس جمهورية ينتمي لمحورٍ ما، ورئيس حكومة ينتمي إلى محورٍ آخر هو حديث غير دقيق، لأن المقصود من الإتفاق الذي تم بين السعودية وفرنسا هو تفادي الوقوع في أزمة، والاتفاق على نوعية الوزراء والحكومة الجديدة مما سيحدّد شكل لبنان المقبل.
إثر كل ذلك، تشير المصادر إلى أن زيارة لودريان ستكون نقطة مهمة جداً ولكنها لن تؤدي إلى حلٍ من دون تبلور موقف العاصمة الأميركية، لأنه من دون واشنطن لن يحصل تطور ملموس، والأيام القليلة المقبلة لا شك في أنها ستحمل الكثير من التبدّلات بعد زيارة لودريان خصوصاً لجهة تبلور جميع المواقف واتضاح معالم المرحلة الجديدة المقبلة.
خبير الشؤون الأوروبية في باريس تمّام نورالدين في اتصال مع موقع LebTalks يؤكد أن ما سيحصل في لقاء لودريان والمسؤولين اللبنانيين سيكون قاسياً عليهم "لأننا كما نعلم أن لودريان سليط اللسان ولا يرحم في تأنيبه وقد فعلها قبل ذلك، من هنا فإن اللقاء سيكون قاسياً ويحمل نبرة تهديد بعض الشيء على اعتبار أنه من دون انتخاب رئيس للجمهورية فلن يكون هناك إصلاح ولا مساعدات، والتلويح بالعقوبات وارد لأن لودريان هو أساساً صاحب فكرة العقوبات". وإعتبر نور الدين أن الحل ليس قريباً "لا بل هذه الزيارة ستكون فقط لاستطلاع آراء كل الفرقاء السياسيين الذي لا يزالون على موقفهم ولا شيء قد تغيّر فيها، وهذا يعني أن الحل لا يزال بعيداً إلا إذا حصلت معجزة في الفترة المقبلة، إلا أن هذه الزيارة مهمة جداً لأنها تمهّد للقاء الخُماسي الذي سيحصل قريباً.