أشار نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري إلى أن "اتفاق وقف اطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل هو تطور مهم بعد سنتين من الحرب في قطاع غزة، ويشكل فرصة حقيقية أمام احترام هذا الاتفاق. وهناك دور أميركي ووعود تبدو لنا جدية لإنهاء القتال، وعلينا أن ننتظر لنرى تطور الأمور ومسارها بعد محاولات في السابق في الاجتماعات الرباعية في الدوحة كانت إسرائيل تتنصل منها في كل مرة، ولم تكن تضغط عليها الولايات المتحدة الأميركية، واليوم مارست هذا الضغط".
واعتبر متري أن "هذا الاتفاق صادقت عليه الحكومة الإسرائيلية، وقد وضع لكي ينفذ، لكن إسرائيل عودتنا التنصل من أي اتفاق، وهذا ما نخشاه، ولابد أن يستمر الضغط الأميركي لتنفيذه لأنه يضع صدقية الولايات المتحدة الاميركية على المحك، وأعتقد أنها لا تستطيع المجازفة. والرئيس الأميركي شخصياً لا يستطيع المجازفة أيضاً بترك قراره عرضة للانتهاك من إسرائيل".
وعما اذا كانت خطة الرئيس ترامب ستضع حداً لإنهاء الحرب في قطاع غزة، قال متري إننا "في بداية مرحلة سنكون فيها أمام مشهد من المراقبة وانتظار سريان وقف إطلاق النار وصموده. وهناك ثقة عند معظم الدول العربية التي ستلتقي في شرم الشيخ والتي تريد من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أن ينجح، وهي واثقة من أن الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة بإنجاحه. والولايات المتحدة الأميركية تملك إمكانية فرض احترام هذا الاتفاق الذي هو من صنعها. والجهة التي ضغطت على إسرائيل من أجل القبول به، هي نفسها الجهة التي تستطيع إلزام إسرائيل باحترامه".
ورداً على سؤال حول ما قاله الرئيس الأميركي من أن انتهاء الحرب في غزة هو بداية السلام في المنطقة، قال متري: "نية الرئيس الأميركي تحقيق السلام في المنطقة واضحة، والسؤال: عن أي سلام يتحدث؟ هناك مبادرة السلام العربية كشرط لتحقيق السلام، وعلينا أن ننتظر ماذا تقصد الإدارة الأميركية حين تتحدث عن سلام في المنطقة من دون دولة فلسطينية عاصمتها القدس وتضم الضفة الغربية وكل الأراضي التي احتلت عام 1967. الدول العربية تريد تحقيق ذلك مقابل الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها، وهذا هو جوهر المبادرة العربية للسلام، ولا أرى موقفا آخر يستطيع أن يرضي كل الأطراف، فلننتظر لنرى ماذا يقصد الرئيس ترامب بالسلام في عموم المنطقة".
وفي الشأن الداخلي المتصل بالجبهة الجنوبية وتبعات اتفاق غزة على لبنان، أشار متري إلى أن "إسرائيل تواصل أعمالها العدائية على لبنان. وما حصل يوم السبت الماضي وما قبلة وما سبقه أيضا يدل بوضوح أن إسرائيل لم تلتزم باتفاق وقف الأعمال العدائية الذي وقع في 27 تشرين الثاني 2024، وكانت الولايات المتحدة الأميركية بالدرجة الأولى وفرنسا بدرجة أقل هما الطرفان اللذين ساهما في بلورة هذا الاتفاق الذي يحترمه لبنان ولم تحترمه إسرائيل التي تضرب حيث تشاء ومتى وأينما تشاء. ولم تمارس الولايات المتحدة الأميركية ضغطًا كافياً عليها لكي تلتزم بوقف أعمالها العدائية، ويبدو أن الضغط الذي مارسته في غزة كان أكبر وأفعل".
وعن ملف إعادة الإعمار في الجنوب واتهام الدولة بإهمال هذا الملف، أكد أن "الإمكانات المتوافرة للبنان حاليا قليلة، وهذا الموضوع معروف وواضح لدى الجميع وليس سراً. لبنان ملتزم بإعادة الإعمار وسينشأ صندوقاً مستقلاً من أجل ذلك، وهذا الصندوق لن يتغذى من الميزانية اللبنانية التي تكاد تسمح بدفع أجور الموظفين في القطاع العام، بل من الدعم العربي والدولي الذي لن يأتي لأمور باتت معروفة وعلنية وله شروطه السياسية، كما أن هناك مؤتمر لدعم لبنان وقرض من البنك الدولي بقيمة 250 مليون دولار مخصص لمشاريع في الجنوب وينتظر إقراره في مجلس النواب".
وعن زيارة وزير الخارجية السوري إلى لبنان وما اذا كانت ستؤسس لمسار جديد في العلاقات بين البلدين، قال متري: "للمرة الأولى منذ خمسين سنة تكون العلاقات اللبنانية السورية على أساس التكافؤ والاحترام المتبادل والمساواة بين البلدين، ولا أحد وصي أو أقوى على الثاني أو يفرض شروطه على الثاني. وقد جرى البحث مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في مواضيع عدة بروح طيبة وبثقة كبيرة بين الطرفين، والمهم التعاون. ففي موضوع ترسيم الحدود بين لبنان وسورية هناك مجموعة تعمل على هذا الموضوع. وقبل ترسيم الحدود هناك ما هو أهم أي ضبط الحدود ومنع تهريب السلاح والمخدرات من لبنان إلى سورية ومن سورية إلى لبنان. وحصل تقدم في هذا الموضوع، إلى جانب عملية تسهيل عودة النازحين السوريين إلى بلدهم الذي عاد منهم في الأشهر القليلة الماضية 350 ألفا وسيعود عدد أكبر. والسوريون يرحبون بمواطنيهم العائدين إلى سورية التي تحتاج إلى أبنائها في عملية إعادة الأعمار عندما تنطلق".
وعن قرار الحكومة وخطة الجيش المتعلقة بنزع سلاح حزب الله، أوضح أن "موضوع حصر السلاح بيد الدولة وبسط سلطتها على كافة أراضيها منصوص علية في البيان الوزاري الذي وافق عليه جميع الوزراء ونحن ملتزمون به كما الجيش أيضا. هناك خطة تنفيذية للجيش وافقت عليها الحكومة أو رحبت بها وتقع على خمس مراحل.الأولى ثلاثة أشهر والمراحل الباقية لم يحدد الجيش مهلة زمنية لها، لأن هناك عناصر كثيرة تؤخر ذلك. ولن يلتزم بالمهلة الزمنية الا في الأشهر الأولى. وتقريره الأول أنجز فيه الكثير وهو ملتزم بتحقيق الانسحاب من جنوب الليطاني وممارسة سياسة الاحتواء في الأشهر الأولى، لينتقل بعدها إلى المرحلة الثانية. موقف الحكومة دعم الجيش في تنفيذ خطته، فلا الحكومة ولا الجيش يبحثان عن صدام مسلح مع أحد، لا مع حزب الله ولا مع غيره. وحزب الله يقول لنا لا أريد الصدام مع الجيش".