وسط التطور الذي يحصل على الحدود اللبنانية مع الأراضي المحتلّة، هناك مخاوف أمنية كبيرة يشعر بها المواطنون خصوصاً في المناطق الحدودية الجنوبية مع توقّع تدخّل حزب الله لمساندة أهالي جنين والداخل الفلسطيني بعد سقوط ٧ شهداء فلسطينيين واعتقال العشرات وإصابة أكثر من 20 جريحاً وسط عملية هجوم برّية وجويّة لاقتحام مدينة جنين ومخيّمها في الضفة الغربية، وهو ما وصفته الرئاسة الفلسطينية ب "جريمة حرب ضد شعبنا الأعزل".
وفي هذا السياق، وصّف العميد المتقاعد والباحث العسكري ناجي ملاعب في حديث له لموقع LebTalks الحالة بأنها "عملية تدمير وقتل كبيرة، وما يحصل في جنين يندى له الجبين ولا أحد يسأل، إذ إننا أمام حكومة إسرائيلية يمينية تستبيح كل شيء من دون أي رقابة من أحد في غزة وخارجها، فهذه العمليات التي تحصل ليست جديدة"، مشيراً إلى أن "مسمار جحا، أي الخيمتَين اللتين نُصبتا في مزارع شبعا من الممكن أن تؤديا إلى توتّر بين الطرفين وربما الى نشوب حرب، ولكن ذلك يأتي تبعاً لحسابات إقليميّة، منها أن الولايات المتحدة الأميركية من الأسلم لها أن تكون إيران بعيدة عن روسيا وعن الصين وعن تحالفاتهما، فإذا ضمنت أن إيران ليست في المحور الأميركي، وفي الوقت نفسه بعيدة عن المحور الذي لا تستسيغه أميركا، سواء روسيا أو الصين، إذا لم ترَ
هذا الوضع، فيعني أنها ستسعى جاهدة بأن تأخذ تطمينات من إيران مقابل حياديتها وعدم الوصول إلى القنبلة النووية، وهذا يتبعه مغريات أميركية منها الإفراج عن أموال محتجَزة لإيران".
أما عن إسرائيل، فاعتبر ملاعب "أنها تتصرّف خارج الفلك الأميركي لأنها ترى بالوفاق الأميركي- الإيراني أنها وحدها في الساحة بعد أن خرجت السعودية ودول الخليج من الصراع مع إيران، وأصبحت تشعر بأنها وحدها تتلقّى الضربات من محور المقاومة الذي يتسلّح ويتجهّز سواء في غزة أو جنوب لبنان أو من سوريا، لذا فهي تحاول أن تأخذ ضوءاً أخضر أميركياً لضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وهنا بطبيعة الحال لن تسكت إيران عن هذا الموضوع، وكل الرسائل التي توجهها حول دعم سوريا من خلال حضور الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي شخصياً منذ شهرين إلى دمشق لوضع منظومة دفاع جويّ إيرانية في سوريا وحول دمشق تحديداً، وكذلك إعادة ضخّ الأسلحة والذخائر وصواريخ حزب الله، هي كذلك رسالة لإسرائيل مفادها بأن خلفيتنا أصبحت نظيفة، محايدة كإيران ومحورنا ممكن أن لا يسكت مستقبلاً عن ما يجري في غزة أو في الضفة الغربية. هذا هو الموضوع الكبير الذي يحصل في المنطقة، واعتقد بأن الرعونة الإسرائيلية قد تودي بنا إلى حرب في حال رأت أن الأميركيين لم يأخذوا بالاعتبار الهواجس الإسرائيلية، فقد يقدموا على عمليات تصاعدية، علماً بأن العمليات السيبرانية بين الفريقين والاغتيالات وعمليات الموساد في إيران تجري على قدم وساق، ولكن هل تتجرأ إسرائيل على قصف مراكز نووية بعد نشر معلومات في نيويورك تايمز أن التخصيب وصل إلى 60%، ويمكن أن يكون هناك ذرّات اكتُشفت من قبل الوكالة الدولية للطاقة بأن هناك تخصيباُ يدّل على 33%، فإذا وصل التخصيب إلى هذه النسبة فيعني أن هناك أسبوعين فقط لإنتاج مادة تصبح جاهزة لإنتاج قنبلة نووية، وهذا ما يمكن أن يودي إلى حرب في المنطقة، ولكن السؤال يبقى هل ستتوجّه مباشرة نحو إيران؟ لأن أي حرب في لبنان غير مبرّرة نظراً لأن الروس يحترمون الأمن القومي الإسرائيلي بالسماح لإسرائيل بأن لا يكون هناك وجود لصواريخ على حدودها مع سوريا، لذا فروسيا تغض الطرف عن الضربات الإسرائيلية على سوريا إلا أن أي ضربة على لبنان لن تفيد إسرائيل بأي شيء".
وأضاف ملاعب أن تراجع حزب الله يُعتبر وكأنه تقدّم على المسار الإيراني- الأميركي، ويبدو كأن "مسمار جحا" قد أدى دوره في تقدّم الملف المشترك، "هذا لا يعني أن إسرائيل سوف ترتدّ عن تصرفاتها القمعية العرقية الوحشية سواء في جنين أو في غزة، إلا أن الجو في لبنان بدأ يبرد أكثر طالما حصل الانسحاب من قبل حزب الله على الحدود".