مشعل يفكّك شيفرة “المنصّات”

mach3al

“حزب الله قام مشكورا بخطوات لكن تقديري أن المعركة تتطلب أكثر، وما يجري لا بأس به لكنه غير كافٍ. وراى بانه اليوم المطلوب أكثر من طوفان، هكذا يصنع التاريخ، ليس بالخطوات المحدودة الخجولة المترددة، يُصنع بالمغامرات المدروسة”
(خالد مشعل في 16 تشرين الأول 2023)

“موقف محور المقاومة مخيّب لآمال الفصائل الفلسطينية”.
( موسى ابو مرزوق في 17 تشرين الأول 2023)

في ظل وتحت سقف الكلام عن توحيد الجبهات و”تشبيك” الساحات في خدمة “اقتراب فرصة هزيمة” اسرائيل “الكبرى” لا بل “ازالتها من الوجود” ؛ كان لتصريحَي رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل ونائبه موسى ابو مرزوق وقع المفاجأة والصدمة السلبية على مؤيدي المقاومة والممانعة، والايجابية “التشفيّة الشامتة”على معارضيهم وخصومهم وأعدائهم.

لقد قال مسؤولا حماس ما قالاه بعد مرور 10 أيام من “الطوفان” على مستوطنات الاراضي المحتلة وعلى غزة اي بعد انتظار ومشاهدة ومراقبة أداء حزب الله وردة فعله وتجاوبه ومواكبته للمعركة “الكبرى”
ورهان حماس على دور فعال لحزب الله في الميدان يكون سندا اساسيا وشريكا “ملتحما”في الانتصار “المنتظر” كان قد عُبِّرَ عنه في الاعلان الأول عن عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول 2023 اذ دعا القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة “حماس محمد الضيف “إخوتنا في المقاومة بلبنان وإيران واليمن والعراق وسوريا للالتحام مع المقاومة بفلسطين”

وفي سعيٍّ حماس الحثيث “الخبيث” في تحفيز الحزب وتوريطه مع لبنان على الانخراط والالتحام ، تعمدّت حركة حماس منذ اليوم الاول الاعلان عبر بيانات “كتائب القسام” عن اطلاقها الصواريخ وارسالها المقاتلين عبر الجنوب اللبناني ليسقطوا “شهداء” على الارض اللبنانية وعلى تخومها حتى قبل ان يبدأ “مقاومو حزب الله” بعملياتهم ضد العدو ضمن “قواعد الاشتباك”

وفي رسالة مشفّرة مزدوجة تزامن كلام مشعل ومرزوق عن تلكؤ الحزب مع اكتشاف الجيش اللبناني لعشرين منصة اطلاق صواريخ الارجح ان تكون ل”حماس” وان يكون الكشف والاكتشاف قد تمّا بتسهيل و”دزّة” من حزب الله.

ويعكس التباعد الحالي ما شاب العلاقة بين التنظيمين الاسلاميين من “طلعات ونزلات” والتقاءات وافتراقات منذ نشاة حماس.
فالمنطلقات المذهبية العقائدية مختلفة ومتباعدة الى حد كبير ويجمعهما قاسم مشترك واحد هو العداء لاسرائيل “مبدئيا” والدعم المادي العسكري الايراني “فعليا” وفرقتهما مقاربتهما للأزمتين السورية واليمنية…

ففي شباط 2011 مع خروج حماس من دمشق بمقراتها الى الدوحة خرجت الحركة الاسلامية السنية من ال”باي رول الايراني” وبالتالي من المحور الذي يقوده حزب الله في المنطقة.
وفي اهم تجليات هذا الخلاف برزت زيارة خالد مشعل للبنان في 15 كانون الأول 2021 حيث عمد حزب الله على “التشغيب” على الزيارة كون “الموقف الأخلاقي” المتمثل بقرار حماس مغادرة سوريا إبان انطلاق الثورة فيها كان في فترة قيادة خالد مشعل المكتب السياسي لحركة حماس، فطلبت قيادة الحزب ابتداء تأجيل اللقاء دون إبداء أسباب ذلك، ثم صرحت لاحقا عبر الأطر الرسمية للتواصل بين الطرفين بأنها غير معنية بزيارة مشعل إلى لبنان، وأنها لن تتحمل أي مسؤولية أمنية تجاه هذه الزيارة، مما يمكن قراءته أنه نوع من التهديد المبطن بهدف إلغاء الزيارة كليا.

وفي المعلومات التي تقاطعت يومها ان قيادة الحزب منعت وسائل الإعلام من تغطية استقبال مشعل في مطار بيروت الذي يسيطر عليه الحزب، من خلال حجم تأثيره ونفوذه، كما أوعزت لحليفها الرئيس نبيه بري بإلغاء لقائه مع وفد حماس، ثم بسحب الترخيص لمهرجان جماهيري لإحياء ذكرى انطلاقة الحركة…

وفي فكفكة شيفرة الخلاف القديم- المستجد بين التنظيمَين الاسلاميين الشقيقين اللدودَين نعود الى مغادرة حماس لسوريا وخلافها مع النظام الذي اثارا استياء ايران من “حماس”، وخلق جناحين رئيسيين داخل حماس، الأول يؤيد الحلف القطري-التركي ذي البعد “الإخواني” وهو جناح خالد مشعل الذي انتقل من دمشق إلى الدوحة. أما الجناح الثاني، فهو الجناح الإيراني، يقوده اسماعيل هنية، يحيى السنوار، ومحمود الزهار.
وقد ظهرت معالم هذا التباين في أعقاب الانتخابات الداخلية التي أجرتها “حماس” في 6 آذار 2017 لاسيما بعد أن “أفرزت الانتخاب وجود قيادتين، الأولى يقودها إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي. والثانية خالد مشعل رئيس المكتب السياسي إقليم الخارج، أي العلاقات الدولية.

وضروري التذكير ان محمود الزهار(جناح اسماعيل هنية) كان قد اعترض على انسحاب قيادة الحركة -التي كان يرأسها خالد مشعل- من دمشق” في 2011 ليقوم لاحقاً بـ”زيارة إلى سوريا ويلتقى فيها بمسؤولين أمنيين ليؤكد عمق العلاقة مع حماس، وكأنه يريد أن يقول هناك جناح في حماس يريد الاحتفاظ بعلاقة من سوريا والمحور الإيراني”. واستمرت زيارات و تصريحات الزهار المتكررة بشأن النظامين السوري والإيراني…

ومع اسماعيل هنية شهدت العلاقة بين حماس وايران “تقارب غير مسبوق”، ولقاءات رسمية على مستويات عالية في طهران…وما زالت.

على ما تقدّم نستخلص متأسفين ان يبقى لبنان صندوقَ بريد رسائله دموية مشفّرة تُرسل عبر “المنصّات” الصاروخية والاعلامية و لنكتشف مع تفكيكها كما ذكرنا آنفا ان بعض مضامينها وبعض ابعادها اقرب الى تصفية الحسابات المالية الاقليمية المحلية والمذهبية ليس الا.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: