"من صراع الأحجام إلى صراع الإستراتيجيات"

parlement2

كتب اتحاد درويش في "الأنباء الكويتية":

إزاء التجاذبات السياسية القائمة والتراشق المحموم حيال قانون الانتخاب، لا جديد يُسجَّل في الصراع على القانون الذي أقرّته الحكومة في 6 تشرين الأول وأحالته إلى مجلس النواب، سوى أنّه وُضع أول أمس أمام لجنة الشؤون الخارجية، حيث انحصر النقاش ضمن الإطار التقني.

ووفق ما أفاد به النواب الذين حضروا الجلسة، لم يُرسَل أي تقرير من الحكومة أو اللجنة الوزارية حول المشروع المُحال إلى المجلس، وبالتالي فإنّ الأسباب الموجبة الواردة غير كافية.

وقال مصدر نيابي إنّ "المشروع الذي أحالته الحكومة عنوانه أن تُجرى الانتخابات لغير المقيمين من دون المقاعد الستة كما حصل في انتخابات 2018 و2022. وطابع الصراع اليوم مختلف عن تلك الفترة عندما كان التوافق يسود بين مختلف القوى المعنية. أمّا اليوم، وبعد الحرب الإسرائيلية الموسّعة على لبنان وعدم التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار، هناك مناخ سياسي خارجي جديد يسيطر على لبنان جرى ترجمته في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة. وبالتالي فإنّ أهمية الانتخابات اليوم تدور حول هوية المجلس النيابي العتيد، إذ إنّ البعض يرى أنّه في تعديل القانون يحصل على الأغلبية، والبعض الآخر يجد أنّه في عدم تعديل القانون ستكون لديه حماية من السيطرة المطلقة للطرف الثاني".

وبناءً على ما تقدّم، يرى المصدر النيابي "أنّ الاصطفاف الموجود هو اصطفاف تقني ولا علاقة له بتمثيل الناس أو الحرص عليهم، بل له علاقة بأن كل طرف يحاول من خلال التعديل أو عدمه أن يرى صورة المجلس المستقبلية ومن هو المسيطر فيه".

ويشير المصدر النيابي نفسه إلى "أنّ ما يحصل هو سياسي بحت لا انتخابي. ومن يقول تمثيل الناس أو غير تمثيل، الموضوع غير ذلك لأنّ الصيغتين المطروحتين في قانون الانتخاب تؤمّنان التمثيل. وعليه، وبما أنّ الخارج هو من يحرّك كل شيء كبير في لبنان، فهو لا يزال يترك للبنانيين التلهّي بالموضوع. وفي توقيت معيّن قد يدخل على الخط، وهذا الدخول له وجهان: في حال كانت الانتخابات مناسبة له يدعها تحصل، وإذا العكس يُقدِم على تعطيلها عبر القوى اللبنانية. فهو لا يتكلّم ولا نراه، بل نرى المناخ الذي يسعى لأن يكون مجلس النواب ضمن سيطرة مستقبلية. وهو، أي الخارج، كان سبق ولمّح في الكواليس وعبر إشارات إلى تأجيل الانتخابات مدة سنة لأسباب عدة تتعلّق بواقع جنوب لبنان. وجاء الرد من الفريق الذي يرى نفسه مستهدفًا بأن تُجرى الانتخابات في وقتها: وأنتم تعرفون النتائج ونحن أقوياء".

وفي ضوء هذه الصورة قال المصدر النيابي الذي كان يومًا وراء إقرار قانون انتخابي شهير: "كل القوانين التي أُقرّت في مراحل سابقة كانت إمّا من خلال حوار وطني ينتج عنه قانون انتخاب بعد توافق داخلي وإن كان بشقّ النفس، أو عبر قوة خارجية أو تدخّل أمني. هذا الأمر حصل من أيام الرئيس الراحل فؤاد شهاب. وقانون الستين ما كان ليصدر لولا المناخ العربي والأميركي، وفي الوقت عينه كانت الشعبة الثانية. وفي زمن الوجود السوري كان الصراع هو صراع أحجام. وانتخابات 2018 و2022 كانت أيضًا صراع أحجام، والصراع اليوم هو صراع على الاستراتيجيات".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: