موازنة 2024 جدلٌ تاريخيّ … والتهريب إلى سوريا “أربح”!

muwezane

جدل كبير أفرزته موازنة 2024 الرابخة على طاولة النقاش والبحث والتي لا تزال “يتيمة” غير متبناة من أحد و”مفروضة” من الجميع في آنٍ معا، وبطبيعة الحال فهي لا تصب بأي شكل من الأشكال، وكالعادة، في مصلحة المواطن ولا في مصلحة الإقتصاد الوطنيّ، الذي بات يتأرجح على حافة الإنهيار الأكبر بدون أي دروع ولا تدابير “سلامة” متّخذة!

ويتحدث الكاتب والمحلل الإقتصادي منير يونس في لموقع LebTalks، عن “شعبوية عمياء تسيطر على موازنة 2024 من قبل النواب تتمثل برفض الرسوم والضرائب، إلا أن الأغرب أن أرباب العمل والقطاع الخاص وأصحاب المصالح غير موافقين بتاتا على هذه الموازنة بخلاف ما كان يحصل عادة بالرفض من قبل النقابات العمالية ونقابات الموظفين والهجوم على كل موازنة تتضمن الضرائب والرسوم”.

ولاحظ يونس أن المفارقة تكمن في أنه “اذا تم تخفيف الرسوم والضرائب من الموازنة فستصبح عاجزة وبدون قدرة على التمويل، لذا فالسؤال المطروح على النواب المعارضين خصوصا، كيف سيمول هذا العجز إذا ما تم الغاء الضرائب والرسوم منها خصوصا وأن لبنان متوقف عن السداد بالدولار وحاكم المركزي بالإنابة يقول بأنه لن يطبع الليرة لتمويل العجز؟”

الإصلاح يبدأ من موازنة عادلة

ومن هنا، يركّز يونس في حديثه لموقعنا، على ضرورة تحقيق إصلاح حقيقي في الهيكلية المالية بدلاً من التركيز على إزالة الرسوم دون النظر إلى العواقب الجانبية، التي من شأنها أن تنهي ايرادات الدولة وتجعل الموازنة عاجزة ومن دون فائدة، بحيث “يبدو أن النواب لا يهمهم شكل الموازنة بقدر ما يهمهم المحافظة على أصوات ناخبيهم، لأن ما يحصل في الموازنة اليوم خطير جدا فمثلا عنصر الجيش اليوم يأخذ 100 دولار من اميركا، فهل يجب الاستمرار على هذا الحال أم يجب العمل على إيجاد بدائل وإيرادات داخلية للدفع للجيش؟ وأيضا هل القطاعات التربوية مثلا ستبقى تأخذ من الدول المانحة أم يجب أن زيادة الإيرادات من أجل تعزيز القطاع التربوي والتعليمي والمدرسة؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير لا تلقى صداها لدى النواب والمعنيين!”.

كما يُشير يونس إلى أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية بحاجة اليوم إلى إصلاحات ضريبية جادة لتحسين توزيع الأعباء الضريبية “وهو ما طلبه البنك الدولي وفشل وزير المالية يوسف خليل بالقيام به”، إذ إن صندوق النقد الدولي قد أعطى توصيات لزيادة الإيرادات على أصحاب الثروات، وهو النهج الضروري لتحقيق استقرار الميوازنة “لكن مجلسي النيابة والوزارة لم يتعلما شيئا من دروس الأزمة، فإن عجز الموازنة هو أساس المشكلات تاريخيا في لبنان ، إذ أنه كانت تقر موازنات عاجزة، ثم لسد العجز كان يحصل اقتراض ، ومن ثم يتفاقم الاقتراض ويتفاقم معه الدين العام، ما أوصلنا إلى حائط مسدود واليوم إلى الإفلاس ، فيما لا يزال المسؤولون يعملون على إقرار موازنة عاجزة”.

ويؤكد يونس أن أقل توصيف للمسؤولين هو أنهم “غير مسؤولين، شعبويين، مزايدين ومتهربين من المسؤولية”.

التهريب

وفي السياق الإقتصادي، يتطرّق يونس على ملف التهريب إلى سوريا، معتبرا أن” هناك استفادة للتجار اللبنانيين من التهريب عبر الحدود، لأن سوريا اليوم، عاجزة عن إنتاج بعض السلع في مجال الإنتاج الزراعي مثلا ، ولذا فالتجار اللبنانيين يلبون السوق السوري بمنتوجات كثيرة مصنعة مستوردة أو منتجة محليا، يتم تهريبها عبر الحدود الى سوريا بفعل العقوبات الموجودة على سوريا، ومما لا شك فيه أن الاستمرار في تسويق نظرية التهريب إلى سوريا هو سبب في خراب لبنان فهو مخطئ وهذه المقولة أصبحت لا شيئ سوى شعار سياسي أكثر من أن يكون حقيقة”.

ويوضح “عندما كان هناك دعم في لبنان للسلع وتم تهريبها إلى سوريا ، كانت سوريا تستفيد على حساب مصلحة الخزينة اللبنانية و الاقتصاد اللبناني ،ولكن اليوم لم يعد هناك دعم والتهريب على سوريا بات لمصلحة التجار اللبنانين”، مؤكدا أن التحديات التاريخية والجغرافية تشكل جزءًا كبيرًا من هذه المسألة، ومشددا على ضرورة إيجاد حل رسمي شرعي لإعادة التصدير ليستفيد منه الاقتصاد اللبناني بدلاً من التهريب غير الشرعي.

وبالأرقام يشير يونس إلى “حجم الاستيراد عام 2023 الذي وصل تقريبا إلى 18 مليار أو 19 مليار وهي ليست جميعها للاستهلاك المحلي بل هناك جزءا منها من التهريب إلى سوريا فعندما يحصل التهريب على سوريا التجار يقبضون الدولار يعني يدخلون العملة الأجنبية من سوريا إلى لبنان ولكن يستفيد التجار اللبنانيون والمهربون وليس الاقتصاد اللبناني”.

وبختم ” بطبيعة الحال نحن ضد التهريب ولكن لا يمكن استغلال هذا الأمر كشعار سياسي لأن ما يجب فعله، هو تنظيم التجارة بين لبنان وسوريا وإعادة التصدير عبر المعابر الشرعية ،وهذا أمر طبيعي وبديهي ومفروغ منه، إلا أن هذا الموضوع تاريخي وكان يحصل منذ عقود ومن الصعب جدا ضبط الحدود بشكل تام ولكن من الضروري أن تعمل الدولة على الاستفادة من هذه التجارة”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: