هديّة أميركيّة مرتقبة لمعطلي الإستحقاق الرئاسي

89A402A0-EE35-40A9-A18A-DA227891DB89 (1)

يقول نجيب محفوظ “ملعون هو البيت الذي لا يطمئن فيه إلا الجبناء، الذين يغمسون اللقمة في ذل الخنوع، ويعبدون مذلهم”، وإذا ما قارنا هذا بقول عمرو صلاح: “لم يقتلنا احد نحن من اهدرنا دماء حقوقنا على مذبح الكسل والخنوع” وعطفنا القولين على حكمة “اسوأ الاشياء تلك التي تقبع في المنطقة الرمادية”، يمكن أن نصل إلى نتيجة جيدة لقراءة واقع الأمور اليوم في البلاد بما خص ملف انتخابات رئاسة الجمهوريّة.
فمن جهة، هناك من شبّوا على الخنوع منذ نعومة أظافرهم السياسيّة، فهم لم يترعرعوا على مبادئ الحريّة والديمقراطيّة وإنما على حكم طاغية يملي عليهم ما يجب أن يقوموا به. هؤلاء اعتادوا على سوء المعاملة ويعانون نفسياً من “متلازمة ستوكهولم”، فقد أغرموا بجلادهم، ولا يتعاونون أبداً بالحسنى ولا يمضون متقدمين إلا بالسوط. وينطبق عليهم تماماً القول إنهم يغمسون اللقمة في ذل الخنوع ويعبدون مذلّهم.
من الجهة الثانية، هناك من اعتادوا على الكسل، هؤلاء لا نيّة لديهم لحمل بحصة من مكان إلى آخر أو خطو خطوة واحدة قبل تلقي الأوامر، فقد اعتادوا على سياسة “الجزرة والعصا”، وينطبق عليهم تماماً القول “لم يقتلنا احد نحن من اهدرنا دماء حقوقنا”.
أما من الجهّة الثالثة، لدينا القوم السلبيين، هؤلاء أقاموا سياستهم على الشعبويّة والدجل، وإذا ما تابعنا الخط البياني لأفكارهم نجد أن تفكيرهم مشوّه، هؤلاء “فرانكشتاين” السياسة اللبنانيّة، عقل يساريّ، بلسان مجتمع مدني، وأياد يمينيّة. يخطئون ويلقون باللوم على الآخرين. فعلياً هؤلاء لا يريدون أصلاً أن يكون لهم علاقة بأي شيء ويريدون التبري من كل شيء لأن علّة وجودهم على المسرح السياسي هي أنهم تمكنوا من اللعب على وتر السخط الشعبي من الواقع الراهن. هؤلاء ينطبق عليهم القول: “اسوأ الاشياء تلك التي تقبع في المنطقة الرمادية”.
هذا هو واقع الحال بالنسبة لملف انتخابات رئاسة الجمهوريّة.
أما بالنسبة للحلحلة المرتقبة. فالفريق الأول “فريق السوط”، قد يكون الحل قد بدأ بالتبلور بالنسبة لعقدته، خصوصاً بعد الرسالة التي أرسلتها لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يلين. هذه الرسالة حضّت الإدارة الأميركية على “إبداء الدعم القوي لسيادة لبنان وللمؤسسات وسيادة القانون بالتعاون مع الحلفاء الأوروبيين”، ودعت الوزيرين المعنيين إلى “مساءلة أولئك الذين يقوضون المؤسسات وسيادة القانون في لبنان، بما في ذلك فرض العقوبات”.
وبحسب المصادر الديبلوماسيّة فإن واشنطن لن تسمح باستمرار الوضع على ما هو عليه، وأنها ستجد نفسها مضطرة لاتخاذ إجراءات تعيد الأمور إلى نصابها، وبالتالي الإدارة الأميركيّة تتحضر لإرسال هديّة مطلع العام المقبل للمتورطين في تعطيل الاستحقاق الرئاسي وهي عبارة عن رزمة عقوبات بحقّهم. وهذا وحده كفيل بانفراط عقد هذا الفريق أو بالحد الأدنى إحداث خروقات كبيرة فيه، حيث لن يبقى فيه سوى الأساس الصلب (corps dur).
أما الفريق الثاني، فريق “الجزرة والعصا”، فيبدو أيضاً أن الأوضاع تميل باتجاه الحلحة بالنسبة لوضعيته الراهنة في ما خص ملف انتخابات رئاسة الجمهوريّة، خصوصاً بعد المعلومات المتوافرة عن اجتماعات رباعية مرتقبة الشهر المقبل في باريس بين فرنسا والسعودية وقطر والولايات المتحدة من أجل مناقشة الأوضاع في لبنان، وما سينتج عن هذه الإجتماعات.
أما الفريق الثالث، “فرانكنشتين السياسة اللبنانيّة”، فالحل بالنسبة لهذا الفريق بسيط جداً، رماديته تميل مع ميلان الواقع العام على المسرح السياسيّ وعندما سيطغي على الساحة اللبنانيّة لون من اللونين الأبيض أو الأسود فسيضمحل، وطالما أن اللونين يبرزان بشكل متوازٍ سنرى راماديّته المعتادة.
في الخلاصة، مسار الأمور يفيد بأننا نتقدّم ولو بخطاً بطيئة لكي يطغى الأبيض على الأسود في هذه البلاد بعد عشرات السنوات من السواد الحالك. فهذه المعركة الرئاسيّة ليست أبداً كسابقاتها ولن نجد أنفسنا كسياديين في “لحظة تخل” ضحايا قرار غير محسوب الأبعاد والنتائج.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: