أكد وزير العمل محمد حيدر أنّ تحقيق العدالة الاجتماعية التي ننشدها جميعاً – والتي تُشكّل جوهر رسالتنا المشتركة – لا يمكن أن يتمّ من دون تضامن فعلي من قبل الأسرة الدولية. وقال إنّ لبنان ينتظر اليوم وقفة دعم صادقة، تُترجم إلى برامج ومبادرات ملموسة، تساهم في إعادة تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القرى المتضررة، ودعم فرص العمل الطارئة في المناطق الحدودية، وتمويل مشاريع إنعاش عاجلة للعمال المتضررين، وتقديم تدريب مهني مرن يواكب تغيّرات سوق العمل.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الوزير حيدر باسم لبنان، خلال أعمال الدورة 113 لمؤتمر العمل الدولي المنعقد في جنيف، والتي يرأس فيها وفد لبنان المؤلف من أطراف الإنتاج الثلاثة. واستهل كلمته بالتأكيد على أن لبنان، “وطن الرسالة والصمود”، يشارك في هذا المحفل الدولي لمناقشة التحديات المتسارعة التي تواجه سوق العمل العالمي في ظل أزمات متلاحقة تُلقي بظلالها على العمال والمؤسسات والمجتمعات.
وأشاد حيدر بتقرير المدير العام بعنوان “الوظائف والحقوق والنمو: تعزيز الترابط”، الذي يبرز العلاقة المتينة بين العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، موضحاً أنّ ما ورد فيه من توصيف دقيق لواقع البطالة، وانتشار العمل غير النظامي، وتداعيات التحوّلات التكنولوجية والبيئية، يُعبّر عن واقع يعيشه اللبنانيون يوميًا، في ظل أزمات مركّبة.
وأضاف أن لبنان تعرّض في أيلول الماضي لعدوان إسرائيلي استمر 66 يوماً، خلّف دمارًا كبيرًا في البنية التحتية، وتهجير عشرات الآلاف، وتراجعًا كبيرًا في النشاط الاقتصادي. وقال إن قطاع العمل كان الأكثر تضررًا، إذ أقفلت آلاف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وفقد عشرات آلاف العمال وظائفهم، وتضرّر المزارعون والحرفيون والصناعيون بشكل مباشر، وسط عجز عن إعادة الإعمار أو حتى الوصول إلى الأراضي والممتلكات بسبب استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، التي تُعدّ خرقًا واضحًا للقرار 1701 الذي يلتزم به لبنان بالكامل.
ودعا الوزير حيدر منظمة العمل الدولية وسائر المنظمات الأممية إلى إدانة هذه الجرائم، والعمل على حماية المجتمعات المتضررة، وتعزيز صمود سكانها، ودعم عمالها ليتمكنوا من استعادة الحد الأدنى من الاستقرار والكرامة.
وأكد أن وزارة العمل، رغم الظروف الصعبة، أطلقت منذ توليه مهامه خطة إصلاحية متكاملة، شملت تحديث أنظمة التفتيش والسلامة، وتفعيل آليات الشكاوى، وإعادة تنشيط لجنة المؤشر لتصحيح الأجور والحد الأدنى، وتحسين التقديمات الصحية في الضمان الاجتماعي رغم التحديات الاقتصادية.
كما أشار إلى إيمان الوزارة بأهمية الهجرة الآمنة والمنظمة كعنصر أساسي في أي سياسة عمل حديثة، لذلك تعمل على توقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول الصديقة لحماية العمال، وتسهيل تنقّل الكفاءات، وفتح آفاق جديدة أمام الشباب اللبناني.
وختم قائلاً: “باسم العمال وأصحاب العمل والمجتمعات المنكوبة في لبنان، ندعوكم لأن تكونوا شركاء في صمودنا، وفي إعادة الأمل إلى من فقدوا كل شيء ولم يفقدوا كرامتهم. من أرض الأرز والجراح، نحيّيكم بصمود لا ينكسر، ونتمنى لمؤتمركم النجاح في إصدار توصيات تدعم العدالة الاجتماعية حول العالم”.