شكل الافراج عن موعد تحديد الاستشارات امس تحديدا أي بعد شهر تماما من اجراء الانتخابات النيابية في الخامس عشر من أيار الماضي جاء بمثابة مناورة سياسية لا تبعث كثيرا على الاطمئنان الى ان المسار الدستوري سيحترم بحذافيره في الخطوات اللاحقة خصوصا ان تأخير الموعد انكشف عن استعادة تجارب سابقة دأب معها العهد ورئيس تياره النائب جبران باسيل على فتح استدراج صفقات سياسية تكون ممرا الزاميا للتكليف والتأليف بما يعني استباق التكليف باشتراطات التأليف وهو ما افصح عنه مداورة باسيل قبل أيام في حديث علني. واذا كانت أوساط نيابية عدة استغربت تأخير موعد الاستشارات الى الخميس المقبل فيما كان منتظرا ان يحدد في نهاية الأسبوع الحالي او الاثنين المقبل على ابعد تقدير، فان المعطيات التي توافرت لهذه الأوساط لا تبشر بان مجرد تحديد موعد الاستشارات سيفتح الباب امام عملية تكليف فتأليف سلسة من شأنها استيلاد حكومة جديدة في وقت سريع. بل ان المعطيات الراهنة حول الاستحقاق الحكومي تميل الى توقعات سلبية أولا في بلورة الاتجاهات الواضحة من اليوم الى الخميس المقبل حول الشخصية التي ستكلف تاليف الحكومة باعتبار ان التكليف هذه المرة يختلف تماما عن المرات السابقة نظرا الى التغيير الكبير الذي طرأ على المستوى السني، كما في ظل الاندفاع الواضح للعهد وتياره نحو محاولة فرض مرشح محسوب عليهما لمحاصرة الرئيس نجيب ميقاتي وفرض شبكة مطالب وزارية وإدارية عليه تكون الثمن الاضطراري للقبول بإعادة تكليفه. ويضاف الى ذلك ان ثمة غموضا واسعا حول طبيعة تعامل الكتل النيابية والقوى السياسية مع الاستحقاق الحكومي باعتباره الاستحقاق الأخير الفاصل عن نهاية العهد في اخر تشرين الأول المقبل . فليس ثمة ضمانات حيال توافق قوى المعارضة على مرشح واحد بعد، فيما ليس مضمونا إعادة تكليف ميقاتي ولو بقي خياره متقدما، الامر الذي سيجعل الأسبوع الفاصل عن موعد الاستشارات حافلا بالمشاورات والاتصالات لبلورة الاتجاهات والتحالفات الجديدة حول الاستحقاق الحكومي.
وحتى اللحظة، المرشح الأبرز هو رئيس الحكومة الحالية نجيب ميقاتي الذي يحظى بدعم واضح من الولايات المتحدة وفرنسا ومصر والأردن، ،علماً أن الحزب التقدمي الاشتراكي يحث القوات اللبنانية على عدم اتخاذ موقف مسبق لمقاطعة الحكومة الجديدة، انطلاقاً من فكرة أنها حكومة قد تعمل لفترة طويلة في ظل شغور رئاسي، وأن غياب القوات سيمنح التيار الوطني الحر فرصة الإمساك بعدد كبير من الوزارات، بينما يمكن للقوات في حال المشاركة الحصول على حصة وازنة من المقاعد الوزارية المسيحية.
في المقابل، نقل مصدر نيابي عن مطلعين على كواليس الاتصالات الحكومية أنّ باسيل يعمل راهناً على “غربلة” الأسماء المرشحة للتكليف توصلاً إلى شخصية يمكن أن تشكل “رأس حربة” في مواجهة إعادة تكليف ميقاتي، ويبذل قصارى جهده لتأمين “تقاطعات نيابية معينة” في سبيل رفع حظوظ هذه المواجهة الخميس المقبل “لكنه لا يزال يصطدم بتفضيل الثنائي الشيعي إبقاء القديم على قدمه حكومياً لتمرير المرحلة الفاصلة عن نهاية العهد، باعتبار أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال استطاع أن يشقّ طريق التواصل مع المجتمعين العربي والغربي وصندوق النقد الدولي وبالتالي سيكون الأقدر في الفترة المقبلة على استكمال ما سبق أن بدأه في الفترة الماضية”.وأفادت المعلومات أنّ “اجتماعاً سنيّاً” مماثلاً للاجتماع الذي عُقد إبان معركة انتخابات نيابة رئاسة المجلس النيابي، سيعقد الاثنين المقبل في دارة النائب نبيل بدر يجمع نواب اللقاء النيابي الشمالي وعدداً من النواب السنّة المستقلين للتداول في الخيارات المطروحة في عملية التكليف ومحاولة التوصل إلى اسم توافقي بين المجتمعين يتم ترشيحه لتولي رئاسة الحكومة العتيدة.