بين باريس ونيويورك، لا شك في أنّ الأنظار ستتجه إلى الأولى اليوم تعويلاً على نتائج "غداء العمل" في الإليزيه بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وانعكاساته على أجندة "معاً للإنقاذ"، أما الثانية فستشهد إطلالة بروتوكولية "عن بُعد" لرئيس الجمهورية ميشال عون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والأكيد أنها لن تخرج عن السياق المعهود في إطلاق المزيد من الشعارات الإصلاحية الفضفاضة التي درج عون على إطلاقها كلما سنحت له الفرصة والمناسبة.
بالعودة إلى زيارة باريس، فإنّ استضافة ماكرون ميقاتي إلى مائدة "العمل"، سيعقبها "إعلان مشترك" في باحة الإليزيه للإضاءة على جوانب التفاهم بين الجانبين على "دفتر ضوابط وشروط آليات العمل الإصلاحي المرتقب من الحكومة اللبنانية، بغية شروع فرنسا بفتح الأبواب الدولية أمام مساعدتها على انتشال لبنان من أزمته"، حسبما نقلت أوساط مواكبة للزيارة، متوقعة أن يكون الرئيس الفرنسي "واضحاً وصارماً في الإضاءة على الهامش الزمني الضيق أمام الحكومة للبدء بالشق التطبيقي من المهمة الإصلاحية المنتظرة منها، فضلاً عن تجديد وجوب التزامها إجراء الانتخابات النيابية واحترام المواعيد الدستورية".
وأفادت "النهار" ان اللقاء الاول بين الرئيس الفرنسي وميقاتي سيكون لمزيد من التعارف واستكشاف ما يمكن ان تقوم به باريس في المرحلة المقبلة لمساعدة لبنان، ومع ان هذه الحكومة هي حكومة انتقالية سيطالب الرئيس ماكرون من جهة اخرى بحث خطة التعافي الاقتصادي التي تنوي الحكومة الاعلان عنها بمعزل عن البيان الوزاري الذي رسم سياسة الحكومة اقتصاديا وماليا وسياسيا للأشهر المقبلة. وعكس اختيار الرئيس ميقاتي ان تكون وجهته الاولى باريس دلالات مهمة اذ يبرز استمرار الاهتمام الفرنسي بلبنان. فتخصيص الرئيس ماكرون غداء عمل لرئيس الحكومة فور حصوله على ثقة المجلس رغم المشاكل التي يواجهها داخليا وخارجيا دليل على اهمية الملف اللبناني بالنسبة للرئاسة الفرنسية التي تطمح بعد أكثر من عام على قيام مبادرتها إلى تسجيل نتائج ايجابية في هذا الملف على عتبة فتح معركة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وقد استرجعت بعض الخسائر المعنوية التي منيت بها بعد ان ضاعت الآمال بتنفيذ مبادرتها وتشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين.
وبحسب معلومات “البناء” فإن فرنسا ستشترط تنفيذ إصلاحات سريعة تطال قطاع الكهرباء والقضاء ومكافحة الفساد والتهريب لتواصل جهودها لاقناع المجتمع الدولي لدعم لبنان في إطار مؤتمر سيدر. وتشكل زيارة ميقاتي ونتائجها الاختبار الأول لمدى التعامل الدولي والأوروبي تحديداً تجاه الحكومة، فإيفاء فرنسا بوعودها لجهة الدعم الفرنسي المباشر يعد فاتحة لحذو دول أخرى حذوها وتخصيص مبالغ مالية للبنان إضافة إلى استثمارات في قطاعات عدة.
