المعركة القضائية – المصرفية مستمرة على قدم وساق، ما ينذر بالخطر في المقبل من الأيام مع عودة الدولار الى التحليق مجدداً بالتوازي مع ارتفاع أسعار المحروقات. وفيما ترددت معلومات عن احتمال دعوة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى جلسة مجلس الوزراء يوم الاربعاء المقبل، علم أن مجلس الوزراء لن يدعو سلامة إلى الجلسة، وأشارت مصادر متابعة لهذا الملف إلى أن وزير العدل المكلف متابعة هذا الأمر يواصل اتصالاته في هذا السياق على أن يضع مجلس الوزراء في تفاصيله في الجلسة المقبلة. وكان هذا الملف شكل محور لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يوم أمس، حيث بحثا ايضاً في مداولات مجلس الوزراء في الشؤون التي تتم معالجتها حياتياً واجتماعياً ومالياً.واعتبرت مصادر سياسية ل" اللواء": ان من شأن الإجراءات والتدابير اللاقانونية، التي اتخذتها، قاضية العهد غادة عون ضد القطاع المصرفي، تطويق مهمة الحكومة لانجاز خطة التعافي الاقتصادي، وتوجيه ضربة قاسمة للاتفاق المنوي عقده مع صندوق النقد الدولي، لمساعدة لبنان على حل الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها.
وقالت ان ما يتخذ من اجراءات واستدعاءات، لرؤساء مجالس ادارة عدد من المصارف، واستجوابهم امام القاضية عون، اصبح مكشوفا، وهدفه محاولة ابتزاز الحكومة، لارغامها على مماشاة مطلب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، باجراء، سلسلة تعيينات وتغييرات بالمراكز المهمة بالدولة قبيل انتهاء ولاية العهد العوني، او تعيينات محدودة، وفي مقدمتها تغيير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة،واشارت المصادر الى ان ممارسة اسلوب الملاحقات الكيدية اللاقانونية على هذا النحو بحق قسم من القطاع المصرفي، استنادا للهوية السياسية للمصارف، وفي ظل صمت مطبق من مجلس القضاء الاعلى، ولا سيما رئيس التفتيش القضائي ومدعي عام التمييز، يطرح جملة تساؤلات واستفسارات عن اسباب هذا الصمت واهدافه، وتاثيره السلبي على صدقية المجلس وسمعته، وخطورته، وما يمكن ان تتسبب به هذه الملاحقات من احتقان شعبي، قد يؤثر على الوضع العام ككل.وأكد مسؤول مصرفي معنيّ لـ«الشرق الأوسط»، أن معلومات متطابقة تلقاها أركان القطاع المالي وبعض المكاتب القانونية في أكبر البنوك تتفق على استنتاج تقدم المساعي بشأن بلورة صيغة مُرضية لكل الأطراف ذات العلاقة بالنزاع القضائي المتفجر مع عدد من المصارف الكبرى. وثمة إشارات إلى أن التسوية أو المعالجة، التي تجري بتدخل حكومي على أعلى المستويات معززاً بجهود موازية لقيادات مصرفية كبيرة، تقوم على اقتراحات متقاربة بينها إنشاء لجنة أو هيئة مشتركة تنظر في تحديد مرجعية قضائية مختصة حصراً بقضايا القطاع المالي والنظر في الشكاوى، مع أولويات مراعاة تامة لأصول التقاضي وموجبات التحفظ.
ويرجّح أن تشمل التوجهات في هذا النطاق، قضية النزاع القضائي المستمر مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بهدف اعتماد مسار يضمن تواصل انسياب التحقيقات الجارية، إنما يعزلها تماماً عن أي خلفيات سياسية أو شعبوية ويحصر تداولها بين الطرفين، ريثما تتضح صدقية الاتهامات، لا سيما بعدما تيقن الجميع من حجم الضرر الذي يصيب المبادلات النقدية ومؤسسات القطاع المالي ككل. كما يتمدد بالأذى إلى التعاملات المالية والمصرفية عبر الحدود، منذراً بانزلاق خطر صوب الإضرار بشبكة العلاقات مع البنوك العالمية المراسلة، والتي تقلصت فعلياً إلى عدد محدود بفعل ارتفاع حدة المخاطر العامة وتعميق حال «عدم اليقين» جراء التدهور المستمر وانحسار الثقة على مدار 30 شهراً متتالياً.في هذا الوقت، تركت جمعية المصارف اجتماعاتها مفتوحة لمتابعة التطورات القضائية في ظل وجود اقتراحات للتصعيد المتدرج على «الطاولة» اذا لم يتم التوصل الى حل منطقي لتسوية الملفات العالقة قضائيا والتي تعتبرها المصارف بداية لتدمير القطاع المصرفي، وفي هذا السياق قد تتجه المصارف الى تبني اقتراح تقليص عدد أيام العمل تدريجياً، ضمن الخطوات التصعيدية المتوَقّعة، إذا لم يحصل تصحيح للخلل الحاصل وكذلك صدور قانون الـ»كابيتال كونترول»، وإقرار خطة التعافي الاقتصادية.
وحذرت مصادر مقربة من دوائر الرئاسة الأولى من خطورة تداعيات دعوة حاكم المصرف المركزي إلى جلسة الحكومة المقرر عقدها الأربعاء المقبل ، كما تردد، على التضامن الوزاري، ملوّحةً عبر "نداء الوطن" بإمكانية "مقاطعة الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار الوطني لأي جلسة يعقدها مجلس الوزراء ويشارك فيها سلامة، الأمر الذي سيدفع وزيري "حزب الله" حكماً إلى اتخاذ الموقف نفسه"، كاشفةً أنّ "عون أبلغ ميقاتي صراحةً رفضه توجيه أي دعوة لحاكم المصرف المركزي للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء باعتباره ملاحقاً أمام القضاء وصدرت بحقه مذكرة إحضار".وفي ضوء هذه المستجدات، نقلت أوساط مطلعة معلومات تفيد بأنّ "موضوع التوافق على تعيين بديل عن سلامة على رأس حاكمية المصرف المركزي عاد إلى الواجهة مجدداً"، متوقعةً أنّ يصار إلى تفعيل قنوات التواصل وتكثيف التشاور بعيداً عن الأضواء بهذا الخصوص بعد عودة ميقاتي من الزيارة التي يقوم بها اليوم إلى الدوحة.