انحدر الوضع السياسي عموماً والنيابي خصوصاً الى مزيد من التصلب والسجالات، مع تشدد قوى المعارضة في رفض اي مرشح للفريق الآخر، ما يعني ان لا حوار ولا جلسات انتخابية لرئيس الجمهورية لتعذر تأمين النصاب لمرشح من الفريقين، برغم استمرار مساعي السفيرة الاميركية دوروثي شيا مع القوى السياسية لتدوير زوايا المواقف او تحديدها. واكدت مصادر نيابية متابعة عن قرب لـ «اللواء» ان لا تقدم في اي ملف بل العكس هناك تراجع للأسف».
وشددت مصادر سياسية على ان حملة التصعيد السياسي التي اعقبت مواقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري ضد المعارضة،ومرشحها للرئاسة النائب ميشال معوض،واعلان بري تبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية،لم تُخرج ملف الاستحقاق الرئاسي من جموده، او تعيد البحث فيه بين مختلف مكونات المجلس النيابي،لفتح ثغرة مؤاتية للتفاهم على مرشح توافقي مقبول من كل الاطراف، وانما ساهمت في تعميق هوة الخلاف الحاصل حول الاستحقاق الرئاسي، وادخلت المجلس النيابي في مزيد من الانقسام والشلل الحاصل، ما يعني عمليا ترحيل ملف الاستحقاق الرئاسي الى اجل غير محدد، بعدما اسقط رئيس المجلس عن نفسه، صفة الجامع والمقرب بين كافة الاطراف المختلفين بخصوص شخصية الرئيس المرتقب،وفي ظل غياب اي مرجعية سياسية او وطنية،قادرة على تحقيق نقطة تلاقي بين هؤلاء الاطراف.
وفي اعتقاد المصادر ان كل ما روِّج له من معلومات، عن عدم معارضة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا،لانتخاب فرنجية للرئاسة، كان مبالغا فيه، ومحاولة للانقضاض على رافضي انتخاب فرنجية،لانه لو لم يكن كذلك، لتبدلت العديد من مواقف هؤلاء المعارضين، واتجهت الامور نحو حلحلة محدودة في البداية.
واشارت المصادر ان افق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ما تزال مسدودة في ظل زيادة حدة الانقسام والتنافر السياسي الحاصل،وعدم قدرة اي طرف او تحالف لتأمين انتخاب مرشح الموالاة او المعارضة،بينما يبدو رهان البعض على دور فاعل للدول المشاركة بلقاء باريس او غيرها، في غير محله ،لان هذه الدول والفاعلة منها،دوليا وعربيا،ابلغت الاطراف السياسيين الأساسيين،خلاصة اجتماعها، ورؤيتها لكيفية مساعدة لبنان للخروج من ازماته المتعددة، بدءا من انتخاب رئيس للجمهورية، بمواصفات معروفة، والخطوات السياسية اللاحقة بعد ذلك لاعادة النهوض بالدولة اللبنانية،وصياغة سياسات مؤاتية مع العرب والخارج، لانهاء كل شوائب الممارسات والسلوكيات العبثية،التي سادت هذه العلاقات، وفتح صفحة جديدة بالعلاقات معها، بما يصب بمصلحة لبنان مع هذه الدول.
ودعت المصادر الى الاستفادة من نصائح وتوجهات الدول المشاركة بلقاء باريس، واي دولة ترغب بمد يد المساعدة للبنانيين في هذه الظروف الصعبة، الا انها اعتبرت ان انتظار تدخل اي دولة من الخارج، تحت أي ظرف كان،إن كان لجمع الاطراف السياسيين،او للعب دور مؤثر جدا في إخراج ملف الاستحقاق الرئاسي من جموده، هو امر مبالغ فيه، ولا يقارب الواقع،لان هذه الدول التي ابدت النصح للبنانيين لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بسرعة، منشغلة حاليا بأوضاعها ومشاكلها الخاصة جراء تنامي الازمات والصراعات الاقليمية والدولية وانعكاساتها السلبية على هذه الدول ولاسيما على الصعد الاقتصادية والمعيشية.
واعتبرت المصادر المقربة من التيار الوطني الحر ان مبادرة النائب جبران باسيل هي الحل للازمة الرئاسية، فهي تنص على طرح خمسة مرشحين خارج الاصطفافات والاسماء المعلنة، ومن ثم الاتفاق على مرشح واحد من بين الخمسة وانتخابه رئيسا للجمهورية.
وقالت مصادر القوات اللبنانية ل"الديار": «نحن اليوم امام تعطيل متبادل حيث لا الثنائي الشيعي قادر على ايصال مرشحه للرئاسة، كما ان المعارضة فشلت في فوز مرشحها في الاستحقاق الرئاسي». اما المعارضة فقد توحدت في الموضوع القضائي والتشريعي ورفضت ان يتحول البرلمان الى هيئة تشريعية، وبالتالي بتنا امام واقع لا احد يستطيع القول انه قادر على تسجيل نقطة على الفريق الاخر.
واشارت مصادر سياسية لـ"البناء" الى أن “المواقف الأخيرة التي نقلت عن الرئيس بري حول ترشيح معوض وإعلانه لأول مرة بشكل علني ترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجية، خلط الأوراق ويحمل دلالات سياسية ويعكس تقدماً في مفاوضات ما تدور في الإقليم لا سيما على الخط الإيراني – السعودي في الملف اليمني، أو على صعيد الانفتاح العربي على سورية، وما قد يعكسه من نتائج إيجابية على المشهد اللبناني من بوابة الانتخابات الرئاسية”، لافتة الى أن “فرنجية لا يزال المرشح الأكثر جدية والأوفر حظاً لكونه يحظى بتأييد أوسع شريحة نيابية تقارب الـ65 نائباً وإن لم يملك نصاب انعقاد جلسة الانتخاب الذي يتأمن عبر تسوية خارجية وضوء أخضر سعودي تستدرج حضور كتل نيابية عدة لا سيما القوات اللبنانية وكتلة اللقاء الديموقراطي وكتل الاعتدال الوطني”. وتقرأ المصادر بين سطور كلام الرئيس بري الأخير بصعوبة انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون لوجود عقبات سياسية ودستورية، ما يعني أن فرنجية هو المتقدم حتى الساعة”، لكن المصادر توضح بأن الأمر يحتاج الى وقت لإنضاج التسوية الخارجية، متوقفة عن أهمية موقف رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الأخير من سجال بري – معوّض والقوات، ولا تستبعد أن تكون كتلة جنبلاط أول المصوتين لفرنجية عندما تحين لحظة التسوية.
