نسفت حرب البيانات بين القصر الجمهوري وبيت الوسط، كل المبادرات التي كان يعمل عليها للخروج من الأزمة الحكومية، وقدمت خدمة لرئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، سمحت له بالخروج من دائرة التعطيل ورميها في ملعب الرئيس سعد الحريري. وشكّلت الزيارة التي قام بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى القصر الجمهوري أمس، وطرحه تشكيل حكومة أقطاب، اعادة خلط للأوراق.
وبانتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من مساعي تهدئة على الجبهات المتناحرة، حذرت مصادر متابعة لمبادرة الرئيس نبيه بري من الحديث عن ان هذه المبادرة انتهت، مكتفيةً بالتأكيد لـ"نداء الوطن" أنّ "الاتصالات ستبقى مستمرة خلال الساعات المقبلة في محاولة لتهدئة الأجواء المتوترة وخفض مستوى التشنج بين بعبدا وبيت الوسط"، ورأت أنّ "الفرصة ما زالت قابلة للحياة في حال صفت النيات، خصوصاً وأنّ الرئيس المكلف أبدى تجاوبه مع الأفكار المطروحة للحل، وأصبحت الكرة الآن في ملعب رئيس الجمهورية ورئيس "التيار الوطني الحر" للإقدام على ملاقاته عند منتصف الطريق".
وأشارت المصادر لـ"البناء" إلى "إصرار من قبل ثنائي أمل وحزب الله على متابعة الجهود والمساعي والعمل لإنجاح مبادرة بري لكونها تشكل المبادرة الوحيدة والفرصة الأخيرة للحل"، مضيفة أن "اللقاءات والمشاورات مستمرة وهناك أفكار واقتراحات جديدة ستطرح على المعنيين ومحاولات متكرّرة باتجاه النائب جبران باسيل لإقناعه بالتنازل في العقدة الأخيرة المتمثلة بالوزيرين المسيحيين في المقابل وكذلك حثّ الرئيس الحريري على التنازل أيضاً على هذا الصعيد".
وفي ما كان مقرّراً أن ينعقد لقاء ثانٍ بين الخليلين وباسيل لاستكمال المشاورات، أكدت المصادر أن "اللقاء لم يعقد لكن المشاورات مستمرّة وأن حرب البيانات أثرت سلباً على الأجواء الإيجابية وفرملت بعض اللقاءات والاتصالات بانتظار عودة جميع الأطراف إلى التهدئة لاستكمال الاتصالات".
في هذا الوقت، دخل البطريرك الراعي على خط الاتصالات وزار رئيس الجمهورية حيث شكّلت دعوته الى تشكيل حكومة أقطاب واحدة من المبادرات الجديدة على الساحة للخروج من الأزمة الحكومية.
وجزمت المصادر لـ"نداء الوطن" أنها كانت فكرة "بنت ساعتها"، ولم يجرِ الإعداد مسبقاً لهذا الطرح، إنما جاء كلام البطريرك بهذا الخصوص على سبيل محاولات التفكير في السبل الآيلة للخروج من الأزمة واجتراح الحلول التي يمكن أن تؤدي إلى تشكيل الحكومة، لا سيما وأنّ البطريرك لاحظ خلال لقاء بعبدا أنّ "الآفاق مسدودة" فذكّر بحكومة الأقطاب إبان ولاية الرئيس فؤاد شهاب، من باب الإضاءة على النماذج التي سبق أن تم اعتمادها في لبنان لمواجهة الأزمات، مؤكدةً أنها "فكرة عابرة ولن يحوّلها البطريرك إلى مبادرة ولن يسعى إلى تسويقها لدى الأفرقاء السياسيين".
في المقابل، لم تر الأوساط المعنية والمواكبة للتطورات السلبية المتعاقبة لـ"النهار" أي امكان لترجمة ما طرحه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد زيارته امس لقصر بعبدا من تشكيل حكومة اقطاب مصغرة على غرار تجربة الحكومة الرباعية في عهد الرئيس فؤاد شهاب، نظرا الى جملة عقبات جوهرية ابرزها استحالة التوافق الداخلي على حكومة كهذه والصدى السلبي لاعادة تشكيل حكومة ذات طابع سياسي مفرط لدى المجتمع الدولي الذي يشترط حكومة إصلاحية من المستقلين لمد لبنان بالدعم.