في الوقت الذي شهدت فيه الساعات الأخيرة احتداما حيال تطورات الملف الحكومي، لوحظ ان معالم تصعيد بين بعبدا والسرايا الحكومية ترافقت مع تقدم رئيس الجمهورية ميشال عون نحو "متراس الدفاع" الأخير عن نفسه وعهده في تبعات ما حل بلبنان من انهيار في عهده راميا التبعة في ذلك هذه المرة على كل الطبقات السياسية المتعاقبة منذ بدء عصر الطائف. وثمة من توقع ان تحفل الأيام الفاصلة عن نهاية الشهر الحالي بسجالات حارة للغاية بين العهد ومروحة واسعة جدا من خصومه من شأنها ان تستحضر كل الملفات الكارثية التي تحاصر البلاد علي خلفية رمي العهد تبعات الانهيار على جميع الاخرين فيما يحمله خصومه التبعة الأكبر في الانهيار. وفي الوقت نفسه سيتصاعد صراع اللحظة الأخيرة على محاولات تشكيل حكومة هي في الواقع تسوية ربع الساعة الأخير اذا قيض لها المرور من "خروم الشبك" في حين ان المناورات حيال السيناريو الذي قد ينشأ عن سقوط هذه التسوية الجاري العمل عليها بلغت ذروتها في الساعات الأخيرة. وتجلت هذه المناورات في اطلاق تهديدات منسوبة الى محور بعبدا والتيار العوني لا تكتسب أساسا أي أرضية دستورية مقبولة او صلبة ، فيما انبرت السرايا الى دفاع هجومي ردا عليها.والسؤال صار حاضراً بقوة، بعدما دخلت البلاد الأيام العشرة الأخيرة من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، حيث يتحوّل المجلس النيابي دستورياً إلى هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية. ومع أن مصادر بارزة معنيّة بالملف أكّدت أن «هذا الأمر لن يكون عائقاً كون رئيس المجلس نبيه بري يتصرف على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات»، فضلاً عن معيار «استمرارية الحكم»، إلا أنها أشارت إلى أن «المشكلة هي في إخفاق الوسطاء الذين يديرون المفاوضات بينَ عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جهة والرئيس نجيب ميقاتي من جهة أخرى». وأشارت المصادر إلى أن «المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لم يقصد عين التينة أمس، إلا لإطلاع رئيس مجلس النواب على الحصيلة السلبية للمشاورات التي امتدّت منذ الأسبوع الماضي حتى الساعات الأخيرة»، وتالياً فإن بقاء الستاتيكو الحالي لفترة طويلة لن يكون مفاجئاً، وربما صار حاجة لأكثر من طرف.صارَ محسوماً أن عون وباسيل لن يفتحا الطريق أمام حكومة جديدة لا يملِك فيها رئيس التيار الوطني الحر الحصة الوازنة التي تجعله شريكاً كاملاً مع حق الفيتو إزاء عدد من الملفات تبدأ بالانتخابات الرئاسية ولا تنتهي بالتعيينات، خاصة بعدَ أن أصبح الفراغ في قصر بعبدا أمراً واقعاً بفعل التطورات الداهمة في المنطقة والعالم، وانتظار النتائج. بينما يبقى حزب الله وحيداً في القتال من أجل الإسراع في قيام الحكومة، وهو يعتقد أن «وجودها في المرحلة المقبلة بما تحمله من مؤشرات سلبية أفضل بكثير من حكومة تصريف الأعمال، تبدأ بصراع دستوري حول تولي حكومة تصريف الأعمال لصلاحيات رئيس الجمهورية ولا تنتهي عند الصراع الطائفي».وفي هذا الإطار، أشارت المعلومات إلى أن المفاوضات التي تولاها الحزب وإبراهيم لم تُحرز أي تقدّم بسبب الشروط واللاءات المضادّة وسلّة المطالب التي تختصرها معادلة تقوم على: تمسّك باسيل بتغيير 4 وزراء مسيحيين في الحدّ الأدنى، وإصرار ميقاتي على 3 فقط مع تمسكه بتغيير وزير الطاقةوليد فياض وهو ما لم يلتزِم به باسيل. علماً أن هذه المعادلة تعزّزها عقدة موازية لا تقلّ أهمية عن الخلاف على الحقائب والأسماء وحق كل فريق في تبديل وزرائه، وسمّتها مصادر معنيّة بالتشكيل بـ«أمّ العقد» وتتّصل بموضوع الثقة التي يرفض باسيل أن يُعطيها لحكومة ميقاتي، كما قالت المصادر، وهو أمر «يستغربه حتى حلفاء باسيل نفسه، فلماذا يرفض إعطاء الثقة لحكومة تضمّ وزراء هو من اختارهم وسمّاهم وفرضهم؟»، وقد أشارت المعلومات التي كُشفت عن المداولات الحكومية إلى أن «الأمور تعقّدت عند هذه النقطة»، فقد دفع رفض باسيل لهذا الأمر ميقاتي إلى التشدّد وصارَ إعطاء الثقة للحكومة شرطاً من شروط ميقاتي الأساسية، إذ أكد أنه مستعدّ لإظهار ليونة في عدد الوزراء الذين سيتم استبدالهم والأسماء أيضاً، لكن ليس قبل التعهّد بإعطاء الثقة.وقالت مصادر متابعة لـ "اللواء" ان الشروط لم تعالج بعد، ملاحظة أن ارتفاع حدة الحملات قد تؤشر اما إلى تعذر التأليف أو إلى استعجال الأمر لاسيما قبيل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اعد له في الأسبوع الأخير برامج لقاءات ونشاطات حافلة.ورأت المصادر ان دخول حزب الله على خط التأليف عائد إلى خشية الحزب من انعكاس عدم السياسي على الناحية الأمنية، مشيرة إلى أن اللاستقرار سياسي يعود إلى أن تركيبة الكتل في المجلس النيابي تحول دون وجود اكثربة يمكن الركون إليها من قبل الحزب لمواجهة الضغوط الإقليمية والخارجية على لبنان من جهة وعلى المقاومة من جهة أخرى.
