تتجه الأنظار اليوم الى جلسة الثقة ، ليس من أجل معرفة ما إذا كانت الحكومة ستنالها أم لا، في اعتبار ان الثقة مضمونة وبأصوات ستفوق الـ 90 صوتاً، ولكن في سياق متابعة مسار الجلسة ومداخلات النواب ورد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث سينحصر الاهتمام والمتابعة بهذا اليوم الطويل قبل ان تباشر الحكومة اجتماعاتها الدورية وعملها الذي يخضع لمراقبة دولية ومتابعة حثيثة لدى الرأي العام الذي يعوّل عليه في اعتبارها الفرصة الأخيرة للخروج من الأزمة. فهل ستكون الحكومة التي ستنال ثقة البرلمان وتباشر أولى اجتماعاتها على قدر الرهان عليها؟
واذا كان حصول الحكومة الجديدة على الثقة النيابية في الجلسة العامة اليوم هو تحصيل حاصل، فإنّ الأمر الوحيد الذي سيكون موضع ترقّب يتعلق بنسبة الأصوات التي ستنالها، علماً انّ الرئيس نجيب ميقاتي يأمل بطبيعة الحال في منسوب ثقةٍ مرتفع، لتعزيز الانطلاقة الحكومية ومنحها زخما قويا.
لكن اذا كانت ثقة مجلس النواب مضمونة، فإن التحدي الأصعب الذي يواجه الحكومة يتمثل في كسب الثقة الشعبية وأصوات الناس، الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق الّا من خلال التعجيل في بدء المعالجات لهموم المواطنين من نقص المحروقات الى الغلاء الفاحش وما بينهما من أزمات.
وعُلم ان رئيس مجلس النواب نبيه بري سيحاول تكثيف كلمات النواب في يوم واحد مهما تأخر الوقت، بحيث لا تكون هناك حاجة الى جلسة أخرى، وذلك حتى تنطلق الحكومة في العمل فورا.
وقالت مصادر مواكبة للاتصالات لـ"الجمهورية" انّ الحكومة تدخل اعتباراً من هذا الأسبوع في مرحلة الاختبار الجدي لسلوكها وممارستها، والرصيد الذي يمكن ان تنتزعه يتوقّف على الأسابيع الأولى من عملها، فإذا أظهَرت جدية وتحولت خلية نحل من خلال اجتماعات مفتوحة ولقاءات ثنائية وزيارات خارجية وتمّت الاستعاضة عن المواقف والوعود بالخطوات العملية، فهذا يعني انّ إمكانية الخروج من الأزمة أصبحت متاحة، وفي حال تلهّت بالشكليات على غرار الحكومة التي سبقتها فهذا يعني ان الأزمة إلى مزيد من التردي.
ومن هذا المنطلق كل التركيز الداخلي والخارجي على انطلاقة الحكومة التي تحظى بفرصة طبيعية كأي حكومة أخرى ضمن ما يعرف بفترة السماح، وهذه الفترة تقلصت طبعاً مع الأزمة كون عامل الوقت لم يعد يسمح بالمماطلة، وبالتالي أمامها أسابيع قليلة جداً لتثبت عن جدارتها، فإمّا تنجح في هذا الاختبار أو تفشل، فيما تتقاطع معظم الأوساط على قدرة الحكومة على إحداث التغيير المطلوب بسبب تصميمها وجديتها من جهة، ونيات المجتمع الدولي تقديم كل مساعدة لها.
وفي هذا السياق بالذات تتحدث اوساط نيابية التقَت ميقاتي عن فرصة حقيقية للبلاد للخروج من الأزمة، وأكدت انه من الخطيئة بمكان تفويتها، كما تحدثت عن الجدية التي يتحلى بها ميقاتي بمتابعة الأمور، ونقلت عنه تصميمه على وصل الليل بالنهار وتحويل البلد إلى ورشة من أجل وقف الانهيار ووضع لبنان على سكة الإصلاح والإنقاذ ترجمةً للعنوان الذي اتخذته الحكومة لنفسها «معاً للإنقاذ».
مصادر "الأنباء" تحدثت عن تصميم رئيس الحكومة على العمل لحل أزمة الدواء، والمحروقات، والكهرباء، بأي ثمن، وأنّه ابتداءً من غد الثلاثاء ستكون هناك اجتماعات متواصلة للجان الوزارية، ومناقشة كل الملفات، وأنّ النتائج الإيجابية لهذه الاجتماعات ستظهر تباعاً مدعمةً بإجراءاتٍ عملانية على أرض الواقع.
الى ذلك، أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن حكومة معا للانقاذ تباشر جديا عملها بعد رغبة رئيسها والاتفاق مع رئيس الجمهورية على عقد جلستين أو ثلاث لها ولفتت إلى أنها ستنهمك أولا بخوض الملفات ذات الصلة بالاقتصاد والمال وموضوع صرف المبلغ الائتماني من صندوق النقد الدولي مشيرة إلى أن أي قرار تتخذه سيشكل محور متابعة ولاسيما ما يتصل بيوميات اللبنانيين.
وقالت المصادر هنا تتظهر صورة اوضح عن الأداء الحكومي في هذه المرحلة مع عمل اضافي يقوم به رئيس مجلس الوزراء في اتصالاته الخارجية لحشد الدعم للبنان واعادة ترتيب العلاقات مع الدول العربية.
وأشارت إلى أن مطبات كثيرة أمام الحكومة ولذلك فإنها اما قد تتجاوزها بالانصراف إلى توجيه عملها نحو الأولويات لو تغرق في تفاصيل محددة تشل عملها ولذلك الأمر منوط بها وكيفية إدارة الجلسات المرتقبة وملفاتها.
ولئلا تتحوّل الجلسة النيابية إلى «سوق عكاظ» للتسويق السياسي، سواء من قبل المانحين أو الحاجبين، وبعدما ارتفع عدد طالبي الكلام إلى أكثر من 30 نائباً، أوعز الرئيس برّي إلى الكتل ان تنتدب نائباً واحداً للتكلم باسمها، مع اغراء نقل الجلسة على الهواء مباشرة.
إذاً، على وقع الازمات المتلاحقة سياسيا واقتصاديا وماليا وصحيا، وامام جديد شحنات الامونيوم، مربوطا بتحقيقات المرفا، وما سينتج عنه من سجالات جديدة، في حال لم يوافق رئيس الجمهورية ميشال عون على فتح دورة استثنائية، لان المجلس بعد نيل الحكومة الثقة، يصبح بدون دورة انعقاد، الى حين موعد العقد العادي الثاني في اول ثلاثاء يلي الخامس عشر من تشرين الاول، بما يتيح للقاضي بيطار ملاحقة النواب المدعي عليهم في ملف تفجير المرفا، امام كل هذه الملفات، تمثل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة، امام البرلمان في قصر الاونيسكو، واذا كانت الثقة مضمونة وبنسبة مرتفعة قد تتجاوز 85 بالحد الادنى، فيما تفاءلت بعض المصادر الى حد رفعها لتلامس التسعين صوتا (مع احتساب عدد النواب 117 بدلا من 128 بين المستقيلين والمتوفين)، لان كل الكتل النيابية التي سمت ميقاتي للتكليف ستمنحه الثقة، باستثناء تكتل القوات وبعض النواب المستقلين، معطوفة على اتجاه لتكتل لبنان القوي لمنح الثقة– استنادا للقاء الاخير الذي جمعه مع الرئيس ميقاتي، وما جاء في بيان «التيار الحر» ان البيان الوزاري، يحمل الكثير من مطالب التكتل، بالإضافة الى أن أغلبية الكتل السياسية الكبرى ممثلة فى الحكومة، فتشكيل الحكومة جاء بشكل يحفاظ على حصة كل فريق سياسي ممثل بالبرلمان.