ب الصباحية: مشهد قاتم يرسم في الأفق.. والفراغ يتمدد

The Lebanese presidential seat is seen empty at the presidential palace in Baabda on May 22, 2008. Lebanon's parliament speaker Nabih Berri has formally summoned lawmakers to elect army chief Michel Sleiman president on May 25, his office announced today. AFP PHOTO/PATRICK BAZ

يوماً بعد يوم، تكتمل حلقة الفراغ لتشمل الى جانب رئاسة الجمهورية كل مؤسسات الدولة التنفيذية والقضائية والتشريعية. ما حصل أمس في مجلس النواب أعطى إشارة بأن معظم النواب المسيحيين في المجلس يريدون أولاً، وقبل أيّ شيء آخر، انتخاب رئيس للجمهورية، ويعتبرون أن استمرار عمل المؤسسات في ظل الفراغ الرئاسي يعبّر عن رغبة الفريق الآخر بفرض أمر واقع على قاعدة أن موقع الرئاسة لم يعد مهماً.
على الطرف المقابل، لا تنحصر المسألة في العنوان الرئاسي، إذ يرى حزب الله ومعه حركة أمل والحزب التقدمي وتكتلات وشخصيات نيابية أخرى، أن البلاد تمرّ بأزمة اقتصادية سابقة على الشغور الرئاسي، وهناك ملفات يجب إقرارها ومعالجتها فوراً وعدم حجزها رهن الاستحقاق الرئاسي.وقد نُقل عن الرئيس نبيه بري قوله إنه «طالما أنهم يريدون إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، فلماذا يرفضون الدعوة الى حوار وطني في المجلس النيابي للتوافق على الرئاسة، في ظل الخلافات التي تمنع أي طرف من انتخاب رئيس غصباً عن الآخرين؟».
وبالعودة الى ما حصل في مجلس النواب، أمس، فقد نجحت ثلاثة أطراف تمثّل معظم النواب المسيحيين في تطيير نصاب جلسة اللجان النيابية المشتركة. وبرر هؤلاء خطوتهم بأنه عندما يتعلّق الأمر بصلاحيات رئيس الجمهورية فلا حكومة ولا برلمان ولا تشريع. وقد بادرت القوات اللبنانية إلى الانسحاب، فانضمّ إليها التيار الوطني الحر والكتائب لتكتمل حلقة التعطيل لتشمل اللجان المشتركة.وقد أشّرت أجواء الجلسة إلى المنحى الخطير الذي تسلكه البلاد بتطييف انقساماتها داخل المؤسسات. فبعد الاصطفاف خلف رفض انعقاد مجلس الوزراء أو أي جلسة تشريعية، خاضت الكتل المذكورة معركة جديدة داخل اللجان من خلال الاعتراض على مرسوم آتٍ من الحكومة. وإذا كانت خلفيات الاعتراض مختلفة، فقد تبدّت «الوحدة» كأنها محاولة للإمساك بكل مفاتيح التشريع في مجلس النواب.فقدان النِصاب القانوني للجلسة حصل اعتراضاً على مرسوم صادِر عن حكومة تصريف الأعمال حول الفيول العراقي. إذ رأى النواب المنسحبون أن الحكومة تخطّت صلاحيات تصريف الأعمال بإرسالها المرسوم موقّعاً من 5 أو 6 نواب فقط.

ولفتت أوساط نيابية لـ«البناء» الى أن الخلافات والنكايات السياسية انتقلت الى اللجان النيابية ما يعني أنه لم يعُد هناك من مؤسسة دستورية تعمل حتى اللجان التي وبأقل الإيمان يجب أن تستمرّ بالعمل لإحالة اقتراحات القوانين الى الهيئة العامة، وبالتالي تكشف نيات بعض الأطراف التي تدعي حرصها على المؤسسات وموقع رئاسة الجمهورية وصلاحيات الرئيس، بأنها تريد فقط التعطيل، وتساءلت ما علاقة انتخابات رئاسة الجمهورية باللجان النيابية؟

وتؤكد مصادر مطلعة على الملف الرئاسي لـ«البناء» ان لا معطيات ومؤشرات جديدة تشي بالحد الأدنى من التفاهم لإنجاز الملف الرئاسي، وكأن كل الأطراف سلمت بالأمر الواقع بفشلها بإنتاج رئيس من صنع محلي، والرهان على الخارج، إما رهان البعض على تسوية يفرضها الخارج تصب في مصلحته، ورهان طرف آخر على تقارب اقليمي عربي – عربي وتقاطع اقليمي – دولي على انتخاب رئيس لبناني يفتح باب الانفراج. وفي الحالتين وفق المصادر سيطول أمد الفراغ الرئاسي بالحد الأدنى الى مطلع الصيف المقبل.
وصف مصدر نيابي الإنسحاب المتتابع للكتل النيابية المسيحية من اجتماع اللجان النيابية المشتركة، تحت عناوين رفض التشريع في ظل الفراغ الرئاسي تارة، واعتبار قرارات حكومة تصريف الأعمال بأنها غير دستورية تارة اخرى، بأنه يندرج في اطار التهرب لاخفاء الخلافات التي تعصف بين هذه الكتل، ومسؤوليتها المباشرة في عدم الاتفاق بينها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية واطالة امد الفراغ الرئاسي.
وقالت إنها ليست المرة الاولى التي تنعقد اللجان النيابية المشتركة في ظل الفراغ الرئاسي، وكان يشارك بهذه الاجتماعات، نواب منها، ولم ينسحب منهم احدا. بينما لوحظ بالامس، بأن هناك تنافسا شعبويا واستلحاقا مفتوحا بين الكتل المذكورة، لتسجيل المواقف وتلميع الصورة، ورمي كرة مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية في ملعب الخصوم، بينما فضحت مواقف باسيل بخصوص قرارات حكومة تصريف الأعمال، ووصفها بانها غير دستورية و«مزيفة»، بأن الانسحاب من الاجتماع، لم يكن بسبب الفراغ الرئاسي، بل سياسي محض، وللتعطيل فقط لا غير، انطلاقا من النهج الذي سار عليه باسيل منذ تسلمه مسؤولية تولي المناصب السياسية وحتى اليوم.
واعتبر المصدر انه بدلا من التباهي الاستعراضي للكتل المسيحية في تسديد الانتقادات لخصومهم السياسيين وتحميلهم مسؤولية الفراغ الرئاسي حاليا، كان الاجدى للكتل المذكورة، العمل عن قرب للبحث عن البدائل المطلوبة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت ممكن، واختيار الاتفاق في ما بينها بدلا من الاختلاف الحاصل على المكشوف، وبالتالي اصبح تعطيل جلسات مجلس النواب واجتماعات اللجان ومجلس الوزراء، هي التي تتحكم بسياسات هذه الكتل مجتمعة، كل كتلة حسب مصالحها واهدافها السياسية والمصلحية.فهي ترفض كل ما يطرح عليها، من الحوار، التوافق المسبق على اسم الرئيس، لتسهيل الانتخاب، انعقاد جلسات الحكومة للضرورة، والان تعطيل جلسات مجلس النواب للتشريع، لان التفاهم على تسمية الرئيس الجديد مسبقا يقطع الطريق على طموحات زعمائها او بعضهم للوصول إلى سدة الرئاسة الاولى.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: