على نحو جهد معه الى عدم اعتبار "الدعم" ترشيحا مباشرا من حزبه، وبطريقة توسل فيها ما امكن من "السلاسة" بحيث لا تتكرر عاصفة الاستفزاز التي اثارها شريكه في الثنائية رئيس مجلس النواب نبيه بري، فعلها الأمين العام لحزب الله اخيرا واعلن سليمان فرنجية مرشح الممانعة المدعوم من "حزب الله" وثبته بهذه الصفة رسميا وعلنا.
تطور بارز في سياق تدرج الثنائي الشيعي "امل" و"حزب الله" بقيادته لمحور 8 اذار في ترشيح فرنجية واطلاق حملة سباقه الى الرئاسة الاولى أولا على لسان الرئيس بري، ومن ثم بعد أيام قليلة ملاقاة السيد نصرالله لبري في اعلان دعم الحزب لهذا الترشيح وهذا المرشح كما لو انه ليس مرشح الحزب بل المدعوم منه. ومع ان الملاقاة بين قطبي الثنائية الشيعية اثبت ان توزيع الأدوار كان سابقا لما اقدما عليه، وان مبادرة بري الأسبوع الماضي لافتتاح معركة تبني ترشيح فرنجية علنا ورسميا، كانت منسقة حتما مع السيد نصرالله، فان اللافت ان الأخير لم يتطرق الى ما اثاره بري ولا الى ردود الفعل عليه، ولو انه تعمد الإقرار بحق القوى الخصمة في تعطيل النصاب القانوني للجلسات لئلا يسقط طبعا المسوغ الذي استعمله فريقه في تعطيل الانتخابات الرئاسية حتى الساعة.
ولكن التساؤلات التي اثارها اعلان نصرالله دعم ترشيح فرنجية تسارعت بقوة ولعل ابرزها، هل يعني ذلك فتح باب التفاوض ضمنا وتسريعه لانه من غير الممكن الا يكون نصرالله كما بري مدركين "التعجيز" في تحصيل 65 صوتا لفرنجية مهما تبدلت بعض الظروف راهنا؟ وهو سؤال يفرضه أيضا الانفصال الذي أكده نصرالله بين الحزب "التيار الوطني الحر" في الملف الرئاسي ولو في معرض اظهار حرصه على عدم انهاء تفاهم مار مخايل. اذ ان نبرة نصرالله تجاه حليفه (السابق) اتسمت امس بما يتجاوز العتب والتلميح الى امكان خروجه عن الصمت حيال الاتهامات التي يوجهها "التيار" ورئيسه جبران باسيل الى الحزب. وتاليا كيف يمكن "الطحشة" العلنية بترشيح فرنجية وهو يفتقر الى الأكثرية أولا وتناهضه الكتل المسيحية الكبيرة جمعاء تاليا ؟
موقف نصرالله الذي كان متوقعاً من ناحية المضمون لا التوقيت، جاء بعد اجتماعات لقيادة حزب الله ناقشت فيها خلاصات اللقاءات مع كل الأطراف المحلية ومع الجهات الخارجية. واستند القرار إلى أن فرنجية يوافق المواصفات التي يتبناها الحزب، وأن الوقت صار دافعاً للتعجيل بانتخاب رئيس، إضافة إلى معطى آخر، يتعلق باعتقاد بأن توفير الأصوات الكافية لانتخاب فرنجية لم يعد أمراً صعباً.
إعلان نصرالله يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاتصالات الداخلية والخارجية المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي. وإذا كان الجميع ينظر إلى رد الفعل المرتقب من التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، فإن نصرالله حرص على إبداء الحرص على استمرار التفاهم بين الحزب والتيار، قائلاً إن العنوان الرئاسي أمر أساسي، لكنه ليس بنداً في ورقة التفاهم، وإن الاختلاف سبق أن حصل على مواقع أساسية في الدولة، ولم يحصل أن فض التفاهم بين الجانبين، فاتحاً الباب أمام نقاش لمجمل الملف الرئاسي انطلاقاً من دعم ترشيح فرنجية، ومثبتاً القاعدة التي كان الحزب قد عرضها على باسيل أخيراً، والتي تدعو إلى حوار ثنائي على سلة أسماء يكون بينها فرنجية وآخرون يطرحهم التيار.
لكن ردود الفعل الاولية لا تبدو مشجعة، بعدما قرأ هؤلاء ما يرونه استعجالا في التبني العلني لفرنجية مؤشر ضعف «وحرق» للاسم لاخراجه من السباق، وهو ما تراه مصادر «الثنائي» قصورا في فهم دوافع هذه الخطوة، ومراهقة سياسية، واصرارا على التعطيل الى حين تتغير معادلات خارجية، جزم السيد نصرالله ان لا طائل من انتظارها.
ما يعني ان البلاد امام مرحلة طويلة من حالة الجمود والاستعصاء غير الواضحة المعالم، خصوصا مع الدخول «الفج» للسفير السعودي الوليد البخاري على خط الاستحقاق «بتغريدة»، رد من خلالها على نحو غير مباشر على السيد نصرالله، برفض المملكة لاي تسوية توصل فرنجية الى بعبدا!
وجاء في افتتاحية" اللواء": لعل ذهاب نصر الله ابعد مما هو متوقع في الملف الرئاسي، جعل كثيرين يعتقدون ان الأوان آن لانهاء الفراغ الرئاسي، فحزب الله «يريد انتخاب رئيس بشكل قاطع واكيد، وليس لديه مرشح، وإنما يدعم مرشحاً طبيعياً ويلتزم بنصاب الثلثين في اي جلسة لانتخابه».
وكشف نصر الله انه اتفقنا بعد النقاش مع النائب باسيل، بأن للبحث صلة، والمرشح الطبيعي الذي يدعمه حزب الله في الانتخابات الرئاسية، ونعتبر ان المواصفات التي نأخذها بعين الاعتبار موجودة في شخصه، وهو سليمان فرنجية.
وفي المعلومات ان مسألة تأمين النصاب حُسمت، ولكن التصويت من قبل كتلة لبنان القوي غير واضحة ولا التزام بها.
ولفتت أوساط مطلعة لـالبناء” الى أن “توقيت إعلان السيد تأييد دعم فرنجية هو توقيت قاتل للفريق الداعم لمعوض، ففي حين استنفد هذا الفريق كل الوسائل والوقت والجهد والدعم الخارجي لتأمين أكثرية لمعوض وفشل بعد 11 جلسة للمجلس النيابي، يكشف نصرالله علناً عن المرشح الذي يدعمه ما يجعل فرنجية متقدماً ويحظى بفرص أكبر للفوز في ظل متغيرات وتطورات محلية وإقليمية ودولية تصبّ في مصلحة محور المقاومة وفريقها الداخلي”، و”يعكس استنفار وارتباك الفريق الداعم لمعوض وتهديدهم بتعطيل النصاب بوجه مرشح 8 آذار، حقيقة التغير في المشهد الخارجي».