لن تكفي الساعات الثماني والأربعين الماضية وحدها للاستشراف الجازم بما يمكن ان يصيب او لا يصيب لبنان لان مجريات الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس لا يزال يغلفها غموض كثيف وسط مسار حتمي لا مجال لمناقشته هو مضي الحرب نحو فصول بالغة العنف والخطورة والاتساع. ولكن حصر "حزب الله" استهدافه الصاروخي امس بالمواقع الإسرائيلية في مزارع شبعا شكل رسالة موحية يمكن الاتكاء عليها للاستشراف بان شبح التورط الكبير لا يزال مستبعدا وان الحزب يعتمد ردا مدروسا يأخذ فيه في الاعتبار حتما واقع لبنان وظروفه، اقله حتى اللحظة وما لم "تنفجر" مفاجات ميدانية جديدة ليست في الحسبان. اما على مستوى رصد المشهد السياسي الداخلي بعد المفاجأة الصاعقة التي اذهلت اللبنانيين كما كل العالم جراء المجريات الحربية الجارية منذ صباح السبت فبدا واضحا ان التهيب طغى عليه ولو تصاعدت معالم "الابتهاج" لدى فئات سياسية وشعبية بالاختراق الضخم الذي حققته "حماس" بما يعكس النسبة العالية من التريث والانتظار ورصد كل الاحتمالات التي يمكن ان تلفح لبنان بقوة جراء هذا الحدث الاستثنائي المباغت بكل المعايير الفلسطينية والإسرائيلية والإقليمية والدولية.
وفي هذا السياق افادت "الاخبار"ان الولايات المتحدة الاميركية أرسلت إلى الحكومة في بيروت رسائل تؤكد فيها أن إسرائيل لا تريد خوض حرب مع لبنان، لكن على لبنان كبح جماح حزب الله ومنعه من القيام بأي عمل عسكري دعماً للفلسطينيين.
وعُلم أن «باريس أبلغت حزب الله رسائل في هذا الخصوص»، فضلاً عن «رسائل أميركية وصلت إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تحمل تنبيهات من توريط لبنان في هذه الحرب»، الأمر الذي كان مندوب العدو لدى مجلس الأمن جلعاد إيردان كشف عنه بالإعلان عن طلب حكومته من «دول عدّة إبلاغ حكومة لبنان بأنّنا سنحمّلها مسؤولية أي هجوم لحزب الله على إسرائيل».
وفي سياق متصل، كشف مصدر وزاري لـ»نداء الوطن» عن أنّ «رسائل دولية وعربية وصلت الى القيادات اللبنانية، تنبّه من مغبة الحسابات الخاطئة لجهة الانخراط في المواجهة القائمة في قطاع غزة عبر فتح جبهة الجنوب».وقال المصدر إن «هذه الرسائل أُبلغت الى رئاستي مجلس النواب والحكومة والوزارات المعنية، و»حزب الله»، كما أنّ «الحزب» تبلّغ رسائل مباشرة في هذا الخصوص، وأنّ الرئيس نبيه بري يعمل بصمت على عملية تقدير الموقف، وهو على تنسيق عالٍ مع قيادة «الحزب» حتى تكون أي خطوة محسوبة»
وأوضح المصدر أنّ «إقدام «حزب الله» على مهاجمة مواقع اسرائيلية في مزارع شبعا، هو نوع من تنفيسة، خصوصاً أنّ الهجمات حصلت على أرض خارج نطاق القرار الدولي 1701. والاعتقاد الغالب، أنّ الأمور ستبقى محصورة في هذا الحيز من دون تطورها».وأكد المصدر أنه «من البديهي أن يكون «حزب الله» قد أجرى تقييماً ميدانياً للجبهة، وأنّ عنصر المباغتة الذي امتلكته «حماس» في الهجوم على مستوطنات غلاف غزة مستغلة يوم السبت والعيد اليهودي والاحتفالات القائمة، لا يمتلكه «الحزب» الذي فقد عنصر المباغتة على جبهة الجنوب، بعدما دفعت اسرائيل بتعزيزات كبيرة تحسباً لأي عمل عسكري يقوم به «الحزب».ونصح المصدر «قيادة «حزب الله» وحلفاءها في لبنان بانتظار جلاء صورة الموقف، لأنّ ما حصل في فلسطين المحتلة ستكون له تداعيات دولية بعد تحديد سبب ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين خارج المواقع العسكرية، ومدى الخسائر الناجمة عن مهاجمة حفل غنائي وأخذ رهائن من جنسيات غربية وتحديداً أميركية. وكذلك مدى إمكانية صمود «حماس» أمام الضغوط، خصوصاً من الدول التي تدعمها، ولا سيما قطر وتركيا اللتين ترتبطان بعلاقات قوية جداً مع واشنطن وأيضاً مع تل ابيب».
