كتب المحرّر القضائي
لا تشبه عودة القضاة المعتكفين منذ آب الماضي بشيء عودة الطلاب الى مقاعدهم الدراسية، ورغم ذلك يبدو أن السؤال عن "rentrée" الى قصور العدل أكثر من ملحّة، بعد عطلة صيفية وعطلة فصلية وأخرى قسرية تمثّلت في الاعتكاف الذي يجرجر أذيال خيبته اذا صح التعبير لناحية المطالب المرجوة من قبل القضاة بعد أن أدارت لهم الدولة " الأذن الصماء".
القضاة وعلى مشارف انتهاء الشهر الخامس من الاعتكاف، ينقسمون الى ثلاث فئات: الأولى هي مجموعة صغيرة جداً لم تعتكف ولم تتوقف عن العمل، وبقيت تعمل " عا السكت" في تسيير شؤون المتقاضين والمواطنين خصوصاً تلك التي تتخذ طابع العجلة، حتى أن عدداً منها أصدر أحكاماً جزائية كرئيس محكمة الجنايات في بيروت القاضي سامي صدقي على سبيل المثال لا الحصر.
الفئة الثانية وهي المجموعة الأكبر عدداً التي نفذت الاعتكاف ولا تزال، تسعى الى ملاحقة مطالبها مع لجنة متابعة المطالب ومسؤولي صندوق تعاضد القضاة ووزارة العدل وكل طرف معني، وذلك للبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه بعد أن تيقّن القضاة أنهم لم يعودوا قادرين على الاستمرار في هذا الاعتكاف الذي شكّل أزمة كبرى أرخت بثقلها على الفريق الأضعف في حلقة الصراع المفرغة، أي الشعب اللبناني.
أما الفئة الثالثة فهي تلك التي لم يعلُ لها صوت لأنها شعرت بأنها وقعت بين فكي كماشة: مطالب الزملاء القضاة المحقّة من جهة، وخطورة الاعتكاف عن إحقاق الحق ومنع المواطنين من تحصيل حقوقهم، فتأرجحوا حائرين بين نظريتي " الحق والموجِب".
المطلعون على الحراك القضائي يكاد يجزمون بأن هناك تباشير " فكّ جزئي" لعمل العدليات تلوح في الأفق مع اتساع مروحة القضاة الذين بدأوا بتسيير الملفات المتراكمة فوق مكاتبهم، ما يعني أن السلك القضائي يحاول ترتيب أوضاعه…فمتى العودة؟!