“اذا أردتَ أن تعرف ماذا يجري في عدلية بيروت، فعليكَ أن تعرف قبل ذلك ماذا يجري في ألمانيا”، هي عبارة من أحد مسلسلات ” غوار الطوشي” تحمل تحويراً لافتاً يوصّف الحال التي وصلت اليها عملية شدّ الحبال في ملف انفجار مرفأ بيروت، والحراك الدبلوماسي الغربي الذي يقوم به عدد من السفراء الأجانب المعتمدين في لبنان، ومن بينهم سفير ألمانيا أندرياس كيندل الذي قيل، بحسب أوساط العدلية، بأنه التقى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود أكثر من مرة في الفترة الأخيرة، في إطار الإستفسار عن مسار تحقيق المرفأ، وذلك في إطار لقاءات دورية يجريها عبود مع سفراء أجانب يطلبون مقابلته لأسباب عدة.
في الواقع، لا يمكن حصر الحراك المتصل بملف الإستفسار عن تحقيقات المرفأ بالسفير الألماني فقط، والذي قيل أنه نقل الى عبود رسالة مفادها أن” الإتحاد الأوروبي هو بصدد دراسة جملة عقوبات قد تُفرض على أي قاضٍ سيشارك في تعريض التحقيقات للخطر”، في إشارة الى تعيين قاضٍ منتدب أو “رديف” كما اصطلح الإعلام على تسميته، فقبل زيارة عبود كان السفير الألماني قد قصد مكتب وزير العدل القاضي هنري الخوري في الوزارة ” الجارة” للعدلية، طارحاً السؤال عينه، وقبله زارت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا مكتب الوزير مستفسرةً أيضاً عن موضوع التحقيق، فكان جواب وزير العدل في اللقائين في غاية الدبلوماسية: ” البيطار باقٍ ولا أحد يريد إزاحته، لكن البت بطلبات تخلية سبيل عدد من الموقوفين أمر ضروري وملحّ…”.ما وراء الآكام القضائية، يشي بأن وزارة العدل بعدّتها وعديدها “مزروكة في بيت الياك” وهو تسعى جاهدة لتلميع صورة أدائها، من رأس الهرم أي وزير العدل، الى آخر موظف إداري، وهي بالتالي حائرة في مقاربة مضمون كتاب وصلها قبل أسابيع من الأمم المتحدة حول وجود توقيفات تعسفية في لبنان، ومطالباً بالإطلاع على أوضاع الموقوفين، فهل ما حُكي عن تهديد تلقاه عبود بفرض عقوبات عليه في حال تعيين قاضٍ رديف قد حصل فعلاً ومن قبل مَن؟ مَن يقف وراء الحملة الممنهجة التي يتعرّض لها رئيس مجلس القضاء الأعلى من” أهل البيت القضائي” الذين رفعوا الصوت في وجهه عالياً في آخر جلسة عقدها المجلس ” أنتَ قوات وعيلتَك كلها قوات” لمجرد طلبه بأن يتم تعيين قاضٍ رديفٍ محايدٍ؟