تتواصل زيارات المسؤولين الغربيين والعرب الى بيروت لتجنيب الحرب على لبنان، وطالما لا يزال حزب الله يتبجّح بـ"البهورات" وإعلان المواقف المتشدّدة عبر أمينه العام نعيم قاسم، الذي لم يعد احد يفهم عليه، فلا بشائر بعدم إتساع الحرب بل بكثرة رسائل يحملها الموفدون الى لبنان مليئة بالتحذيرات من المرتقب، لانّ الديبلوماسية لم تعُد تنفع او بالاحرى لم تعد "تفعل فعلها" لأنّ الردود تأتي دائماً سلبية من الحزب، الذي يأخذ جرعات دعم معنوية وغير معنوية من إيران، وبصورة خاصة أمينه العام الذي يرفع سقف خطابه بالتزامن مع رفع علي لاريجاني لـ"المراجل" الايرانية بأيدي حزب الله.
ولا شك انّ هذا السقف المرتفع ادى الى طفح كيل الادارة الاميركية من الانتظار لتنفيذ لبنان القرارات الدولية، وفي طليعتها بند تسليم السلاح وحصريته في يد الدولة اللبنانية، بالتزامن مع كل الأوراق الضاغطة التي تملكها الإدارة الأميركية، مما يعني أنّ المنتظر سيكون مغايراً جداً، لأنّ اللعب على الحبلين لا يجدي نفعاً، ولا تذاكي حزب الله الذي لا يمكن أن يطول.
إلى ذلك ووفق المعطيات الامنية فالضربات العسكرية للحزب ستكون غير مسبوقة، وعليه ان يفهم بأنه يأخذ لبنان الى الهاوية وبصورة نهائية، والوقت ليس ببعيد لانّ المخاوف والرسائل الحازمة تسلّمها لبنان الرسمي من كل الموفدين، مما يعني انّ لبنان دخل مرحلة دقيقة تتقاطع فيها المهل الأمنية مع الحراك الديبلوماسي الإقليمي والدولي، والأنظار تتجه الى اجتماع لجنة "الميكانيزم" بعد غد الجمعة، والى الخامس من كانون الثاني المقبل، اي الموعد المحدّد لإنتهاء المرحلة الأولى من خطة سحب السلاح جنوب الليطاني، والتقارير التي سيقدمها الجيش اللبناني الى المعنيين.
في موازاة ذلك تتسارع الاتصالات لتفادي المشهد العسكري، وآخره الحراك المصري الذي يبرز غداً مع زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي استكمالاً لمساع سابقة قام بها مسؤولون مصريون في بيروت، كما يبرز اجتماع باريس في التوقيت عينه، بحضور موفدين دوليين واقليميين وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، تحضيراً لمؤتمر دعم المؤسسة العسكرية مقابل شروط تأمين الاستقرار الامني.
وسط هذه المساعي والتحرّكات، تبرز وساطة اميركية وُصفت بالحامية نتجت عن اتصالات مع الجانب اللبناني لتنفيذ الالتزامات المطلوبة، فطرح التأجيل الى شهر آذار المقبل بهدف الى إعطاء دفع جديد للجانب اللبناني، مع عنوان لافت بأنه آخر الحلول وفق المعلومات، في إنتظار التنفيذ والسباق مع الوقت للإنتهاء من ملف حساس سيؤدي حسمه النهائي الى إنقاذ لبنان من الانفجار الكبير.