مع اقتراب عقارب الساعة من آخر أيام شهر آب، وأمام التصعيد السياسي غير المسبوق لحزب الله وأمينه العام الشيخ نعيم قاسم، والذي لا يخلو من التهديد والوعيد، وأمام تصاعد الضغط الديبلوماسي الأميركي على المسؤولين اللبنانيين مع زيارة المبعوث الأميركي توم براك برفقة المبعوثة السابقة مورغان أورتيغاس والسيناتور الجمهوري المقرّب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإزاء عودة التوتر في العراق على خلفية رفض "الحشد الشعبي" تسليم سلاحه للشرعية العراقية على غرار رفض حزب الله تسليم سلاحه، بات من الواضح أن المنطقة أمام كباش أميركي - إيراني جديد مسرحه الأول لبنان، ومن ثم العراق.
ما يهمّنا حالياً هو لبنان الذي يصل بنهاية هذا الشهر أمام خيار من أمرين:
إما استكمال قرارات مجلس الوزراء يومي ٥ و٧ آب الجاري، وبالتالي تطبيق مبدأ "الخطوة مقابل خطوة" في ظل أجواء إسرائيلية إيجابية حول التزام تل أبيب بهذه الخطة، وعندها يتم أمران أساسيان:
• الأمر الأول وهو ديبلوماسي: بحيث يجدد مجلس الأمن لقوات حفظ السلام في جنوب لبنان لسنة، ولكن بصورة نهائية، والفرنسي يدفع بهذا الاتجاه.
• الأمر الثاني وهو ميداني: فبموازاة بدء الدولة بتنفيذ الخطوات الأولى العملية لحصر السلاح، تقوم إسرائيل بالانسحاب من نقطة أو أكثر من النقاط التي تحتلها جنوب لبنان، فيما يُنشأ حزام أمني يرتدي شكل منطقة عازلة تمهّد لمشروع "ريفييرا ترامبي" في الشريط الحدودي الفاصل، منزوع السلاح وغير القابل لأي عمليات عسكرية من أي نوع ومن أي طرف.
أما في حال عدم انتقال الدولة اللبنانية إلى تنفيذ قرارات حصرية السلاح، فإن أولى التداعيات ستكون عدم التجديد لليونيفيل، ووضع لبنان تحت الفصل السابع، وفرض حصار وعقوبات اقتصادية ومالية ضخمة، حيث ستنجم في كل الأحوال اضطرابات داخلية وحرب خارجية، وسيكون شهر أيلول "مبلولاً" بالمصاعب والإشكالات.
الوضع خطير وخطير جداً، ويومي ٢٨ و٢٩ آب الجاري يومان فاصلان في تاريخ الوطن والدولة:
• فإما أن يأخذ مجلس الوزراء القرار الشجاع، ويتم إثر ذلك التمديد لقوات حفظ السلام في اليوم التالي، ويبدأ الاحتلال بالانسحاب لإنجاز الترسيم الحدودي وإنهاء حالة الحرب وصولاً إلى التطبيع، الأمر الذي لن يمرّ من دون قلاقل داخلية في لبنان.
• وإما فإن لبنان سيذهب نحو الحرب المدمّرة، والفصل السابع، والعقوبات… في وقت يحاول الحزب رمي الفتن يميناً ويساراً، إمعاناً منه في اختلاق سيناريوهات يعتقد أنها قد تحدّ من قوة المطالبة بتسليم سلاحه.
وآخر فصول تلك السيناريوهات بدعة "اختطاف النساء والفتيات" من قبل سوريين للصق تلك التهمة بالنظام السوري الحالي، الأمر الذي نفته الشرطة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي ببيان رسمي في اليومين الماضيين، وصولاً إلى اختراع أي سيناريو آخر كل يوم وكل ساعة من خلال الجيوش الإلكترونية ووسائل الإعلام وأبواق الثنائي التي تحاول على مدار الساعة التصويب بالعاطل والتحامل على السلطة السورية الحالية لتبرير احتفاظ الحزب بسلاحه.
أمام لبنان أيام مصيرية من تاريخه… فإما تثبيت الدولة سيادتها وحصر السلاح مقابل إلزام إسرائيل بالانسحاب والترسيم والتجديد لليونيفيل، وإما الكارثة…