لا شك في انّ ملف تسليم سلاح حزب الله يتصدّر كل المعضلات اللبنانية، بالتزامن مع التهديدات التي اطلقتها نائبة الموفد الاميركي الخاص للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بلهجة هادئة وإبتسامة لافتة، لكن مترافقة مع ضغوط اميركية وأخرى مماثلة من المجتمع الدولي، الذي يصرّ على ضرورة التسريع بسحب سلاح الحزب وتنفيذ القرار 1701 ومندرجات اتفاق وقف إطلاق النار، وإلا سيتم تلزيم مهمة مصادرة السلاح الى إسرائيل، وهذا يعني عودة الحرب الشرسة من جديد وبصورة غير مسبوقة، الأمر الذي يهدّد كل لبنان من خلال ضرب المرافق العامة، التي سبق أن توعّد بها عدد من المسؤولين الإسرائيليين، مع غارات عنيفة متواصلة على مناطق الضاحية الجنوبية وصولاً الى هدمها كليّاً، الامر الذي لفتت إليه أورتاغوس خلال لقائها كبار المسؤولين اللبنانيين، لأن لا حل إلّا بتطويق الحزب من كل الاتجاهات.
هذه التهديدات أشعلت الحزب الأصفر، فسارعت قيادته الى لعب دورين من خلال مواقف متناقضة، بهدف رفع معنويات بيئته ومناصريه، الذين وُعدوا بتحرير القدس وبدحر إسرائيل وإزالتها من الوجود خلال أيام، فعمل مسؤولوه بعد سلسلة من السقطات المدوّية على لعبة شدّ الحبال في التوقيت الاصعب، مستعينين بالعصا والجزرة ضمن سياسة اعتقدوا انهم يتذاكون من خلالها، فيما القرار إتخذ وتسليم السلاح بات حتمياً، لكن عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب ابو زينب أراد طمأنة المؤيدين “بأن لا تسليم للسلاح، وعلى لبنان ان يحاور من اجل إمتلاكه اوراق قوة سياسية، يستطيع من خلالها ان يحافظ على وجوده، قي ظل كل هذه المتغيرات الكبرى في المنطقة، لانّ الحزب لن يقبل ان يكون لبنان في موقع الضعيف”، مما يعني انّ كلامه ناقض ما قاله مسؤول كبير في الحزب قبل يومين لوكالة رويترز، “بأنهم مستعدون لمناقشة ملف السلاح مع رئيس الجمهورية، في حال إنسحبت إسرائيل من الجنوب وأوقفت حربها على لبنان”.
هذا التناقض يؤكد بأنّ العمل جار على تمرير الوقت ليس أكثر، فيما يعلم قياديو الحزب بأنّ القرار بتسليم السلاح جاء من إيران، والحقيقة المرتقب إعلانها أوضحها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الذي نصح بتسليم السلاح بهدوء بعد الكلام الذي سمعه من المسؤولة الاميركية، لانّ الإجراءات ستكون قاسية جداً وغير مسبوقة بحق لبنان، ولا أحد قادر على تحمّلها.
الى ذلك وقبل زيارة اورتاغوس المتوقعة نهاية الشهر الجاري او مطلع أيار المقبل، سيكون ملف السلاح قريباً في السراي الحكومي، خلال جلسة سيقدم فيها وزير الدفاع ميشال منسى شرحاً وتقريراً لخطوات بسط سيطرة الدولة على كامل أراضيها، مع ما أنجزه الجيش في الجنوب، بحسب ما أعلن رئيس الحكومة نواف سلام، مع تأكيده الالتزام بالبيان الوزاري، الذي نصّ على مسألة حصر السلاح بيد الدولة وتنفيذ القرار 1701.
في إنتظار كلمة الدولة وحسمها لتحقيق ما وعدت به، الترقّب سيكون سيّد الموقف للوصول الى خاتمة إيجابية تنهي أزمات لبنان.