هي مُعادلة بسيطة، تَفْترِض أن المُقْدِم على خطوةٍ كبيرة، بل عظيمة، ولن يكونَ فيها وحيداً، أو لن يكونَ فيها المُتَضرر (أو “المُنْتَصر”) لوحده، أو أنَّ لِخطواته تَداعيات جَمّة سَتُصيب أفراداً آخرين، بل قُلّ شعباً بأسْره… عليه أن يَتَدارك “المهمة” بالتحضير لها، خصوصاً متى كانت واضحة النتائج، أو أرْجَحِية كبيرة فيها، ولو التزم الصمت أو الكذب على الذات.
“إسناد غزة”، وبغض النظر عَمَّا إذا كان قراراً إيرانياً بحتاً، أو قراراً على صعيد قيادة حزب الله، أو إيحاء مِن طرف آخر، أو كل ما سبق، إنما يبقى قراراً له محاذيره، خصوصاً متى كان في مواجهة عدو مجرم، شرس، يَفتقد لكل الضوابط القانونية الدولية، وبالطبع، يفتقد لأدنى المسؤولية الإنسانية، وصاحب أطماع تَوَسُّعية وعقائدية، وبغطاء دولي واسع ومُؤثِّر.
“إسناد غزة”، وقبله الكثير مِن القرارات، كل لا نقول المغامرات، على مدى عقود، والمُترافِقة مع الكثير الكثير مِن الخطابات والمواقف والتجييش والتهديد والتخوين و”رفع الإصبع”… بالتوازي مع تعزيزات ضخمة لترسانة غير مسبوقة، تَمَّ الاعتناء بها جيداً، بعيداً عن أعْيُن الناس وربما الاجهزة الشرعية، كل هذه الاستعدادات تَبَّين أنها هَشّة، “أَوْهَن مِن بيت العنكبوت”، إذا ما كان هناك قراراً بالقضاء عليها أو التخلُّص منها، وكيف إذا كان القرار مِن “المَصْدر”. طبعاً، هكذا قرار له ثمنه في السياسة، و”كاش”، أيضاً.
إنما، ومع كل هذه الاستعدادات المُنْقطِعة النظير، تَمَّ إسقاط عنصر مهم منها، ومع إسقاطه سقطت كل المعادلة بل وعِلّة وجودها. أين “الإنسان” مِن كل هذا المسار؟
ماذا بخصوص مئات الاف البشر، وقد نزحوا عن بيوتهم، والتي قد لا يعودوا إليها وقد مُسِحت بالارض مِن قبل العدو؟
ماذا عن مئات الاف الناس وقد صارت بلا مأوى أو مُعيل أو لقمة أو غطاء أو دواء؟
أهكذا تكون الانتصارات؟
“لو كنتُ أعلم”، معادلة سقطت منذ الـ2006، واليوم لَم يبقَ مَن يقولها مجدداً.
السؤال الى حزب ضاهى الدول تجهيزاً وإمكانيات وقدرات، أو الى مَن تَبَقَّى منه اليوم، ألم يَجِد فيكم صوت واحد سَأَلَ عن الناس؟ وكيف يُمكن حماية “البيئة الحاضنة؟، هذه البيئة التي دَفعت وتَدْفع الغالي والنفيس في سبيل شعارات لم تتجاوز حدود “بوابة فاطمة”، سوى نادراً وهامشياً؟ في حين أنها -أي هذه الشعارات- وَعَدتنا بالصلاة في القدس؟ وإزالة الكيان الغاصب مِن الوجود، أو أقله رميه في البحر؟!
مَن يَدَّعي حِرْصه على ناسِه وأرضه، عليه تأمينهم، لا رَمْيهم في النار.
صَدَق المَثل الصيني القائل: “إحْفُر البِئرَ قبل أن تَشْعُر بالعَطش”.