كتب عماد حداد: تبنّى مرجع رئاسي سابق النظرية التي يروّج لها في الشارع المسيحي حول التحضير لأعادة عقارب الساعة إلى الوراء من خلال التأسيس لتفاهم بين التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي على قاعدة اختراق الموقف المسيحي الذي يزداد وضوحاً في معارضة النهجين السياسي والعسكري للثنائي من داخل وخارج المؤسسات الدستورية وتسمية الأمور بأسمائها كنسياً وحزبياً واتهام طرفَي الثنائي بالأحادية وتحديداً رئيس مجلس النواب نبيه بري باستفراده في تفسير الدستور، وحزب الله لاستفراده في اتخاذ قرارات مصيرية تعني جميع اللبنانيين في نتائجها الكارثية وذلك من دون تشاور أو إذن أو دستور، والأخطر هو في إلباس تلك القرارات اللبوس الديني والجهادي والعقائدي والإنساني والأخلاقي بحيث يصبح أي جدل حولها مسّاً بتلك القيم ويحمل عواقباً طائفية ومذهبية مع فرض تمثيل شمولي دينياً وسياسياً على طائفة غنية بالآراء وفقيرة في حرية إبداء الرأي المعارض.
وأضاف المرجع الرئاسي بأن رئيس التيار الوطني الحر لم يتوقف يوماً عن السعي لإنتاج تفاهم جديد مع الثنائي الشيعي رغبة منه في تفاهم يحمل توقيعه شخصياً بعدما أدّى التفاهم السابق بتوقيع العماد ميشال عون غرضه لناحية إطلاق يد التيار في التغلغل بإدارات الدولة على حساب مسيحيي سوريا خلال عهد الوصاية وذلك في الفترة الإنتقالية قبل انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وأدت هذه المرحلة إلى تعزيز قبضة التيار على الشقّ المسيحي في الشراكة وبناء إمبراطورية خدمات في مؤسسات الدولة استفاد وما زال يستفيد منها شعبياً حتى اليوم في سلطة قائمة على الزبائنية من خلال تقديم خدمات تعجز عنها المعارضة وهو لن يفرّط فيها كسلاح يستخدمه في مواجهة خصومه ومنافسيه على الساحة المسيحية، وتدخل في هذا الإطار مسألة التحالف الدائم في النقابات بين التيار والثنائي مهما استعر الخلاف الظاهري بينهما ليبقى التفاهم الباطني سيد الموقف عند الإستحقاقات.
وختم المرجع الرئاسي السابق بأن مناوشات الجنوب احتلت المرتبة الأولى في الخلاف المعلن بين التيار والحزب وباتت المادة الوحيدة في التداول الإعلامي وهذا الأمر حيّد المسائل الخلافية الأخرى وحدد سبل استعادة العلاقات بينهما بنهاية التوتر والعمليات العسكرية كأولوية لتصبح مسائل الشراكة والحقوق والرئاسة مسائل ثانوية تتمّ معالجتها في التفاهم الجديد على قاعدة مدّ اليد لحزب الله المنهك بالمناوشات الحدودية والمعارضة الداخلية في تكرار لتفاهم ٢٠٠٦ حين كان الحزب منهكاً ومتهَماً باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مما يسهّل على التيار تبرير هذا التفاهم بنسخته الجديدة لضمان السلم الأهلي كعنوان فيما في التفاصيل تقبع شياطين المحاصصة وتوزيع المغانم السلطوية خلال مرحلة انتقالية يسلّم فيها التيار العهد من فوق ويستلم سلطة المكاسب من تحت.