تتخطى كلفة الحرب التدميرية التي يتعرض لها لبنان منذ نحو عام وتطورت منذ ايلول الماضي لتصبح شاملة في غالبية المناطق، كل ما هو متاح ومعلن من دعم على الصعيد الدولي، حيث أن رصد 800 ألف دولار من مؤتمر الدول المانحة في باريس بالأمس، ليس سوى مساعدة رمزية أو رشوة كما وصفها أحد المطلعين على النقاش الذي دار في الأروقة الديبلوماسية، حول الثمن الذي يدفعه ولا يزال لبنان واللبنانيون لهذه الحرب التي باتت مباشرة بين إسرائيل وايران على الأرض اللبنانية.
فتداعيات هذه الحرب لم تعد اقتصادية فقط بل باتت تهدد الأمن المجتمعي والاستقرار والصيغة اللبنانية والعيش المشترك بفعل التهجير والنزوح والانقسام السياسي.
وعليه فإن إعادة إعمار ما دمرته هذه الحرب، في القطاعات الاقتصادية تتطلب أكثر من خمسة مليارات من حيث التقديرات الأولية في الأوساط الاقتصادية، اذ انه في القطاع السياحي على سبيل المثال، خسر لبنان قرابة 3 مليارات كانت موعودة بها السياحة وذلك ما بين آب ونهاية العام الجاري.
أما الخسارة الكبرى، فهي في القطاع الزراعي الذي وصل إلى مرحلة خطيرة بعدما تعرضت الأراضي الزراعية للقصف بالفوسفور وباتت تحتاج إلى اكثر من 5 سنوات لكي تصبح صالحة للزراعة مجدداً.
وبالتوازي فإن المؤسسات الصناعية والتجارية باستثناء الغذائية منها، تواجه تحديات عدة أبرزها القدرة على الصمود والاستمرار في ظل غياب اي استثمارات جديدة.
ويقول عميد كلية ادارة الأعمال في الجامعة اليسوعية الدكتور فؤاد زمكحل لـ”LebTalks” إن الاقتصاد اللبناني لم يصب بخسائر جراء الحرب وتحوله إلى ساحة لتبادل الرسائل، بل بات أمام عملية تدمير لكل قطاعاته، مقدراً الخسائر إلى اليوم بنحو 15 مليار دولار.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى ان لبنان خسر عامل الثقة بالقدرة على الصمود واعادة الإعمار بعدما خسر مقومات هذا الصمود، في ضوء انعدام ثقة المجتمع الدولي والشعب بالسلطة واعتمادها اي شفافية في خطتها لمقاربة عملية التعافي والإعمار.
ويشير زمكحل إلى ان لبنان كان يواجه قبل الحرب، حرباً نقدية، مالية واقتصادية، إذ تراجع الناتج المحلي من نحو 50 مليار دولار إلى نحو 18 ملياراً، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر في ظل التضخم المُفرط في أسعار السلع الأساسية والحاجات المعيشية.