كتب الدكتور شربل عازار
عندما يستمع اللبنانيّون الى خطابات الشيخ نعيم قاسم والشيخ أحمد الخطيب والمفتي أحمد قبلان ومحمود قماطي والنواب محمد رعد وحسن عز الدين وعلي فياض وحسين الحاج حسن وإيهاب مطر وعلي المقداد وعلي عمار وحسن فضل لله وغيرهم من نواب الحزب وإعلاميّيه على الشاشات، فإنّهم يتساءلون مندهشون، هل هؤلاء "القياديّون" هم مقتنعون بما يقولون وبما ينظّرون له؟
أم أنّهم يُنفّذون رغبات إيرانيّة ويَعملون حسب أجندتها ومستلزماتها التفاوضيّة مع أميركا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي والوكالة الذرّية، وأخيراً مفاوضاتها مع دول الخليج عبر المملكة العربيّة السعوديّة؟
في خطابه الأخير في ذكرى اغتيال "القادة الكبار" فَضَحَ الشيخ نعيم قاسم ما كان مَدار شكٍّ وتساؤل عند الكثيرين.
فمطالبته للسعودية بِفَتح حوار مع "المقاومة" أتى مباشرةً بعد مغادرة علي لاريجاني المملكة التي تحاول إيران أن تَفتَح معها صفحة جديدة في العلاقة بين البلدين.
وكأنّ الأوامر قد صَدَرَت الى قيادة "الحزب" ومفادها أنّ عليكم أن تنقلبوا مئة وثمانين درجة على تاريخكم المليء بالخطابات والكتابات المعادية للسعوديّة ولدورها في لبنان وفي المنطقة، وأن تعلنوا استعدادكم للحوار معها وأن تعلنوا عدم استعمالكم للسلاح في وجه السعوديّة وفي وجه اللبنانيّين.
وكأنّ اللبنانيّين قد نَسوا فجأة كلّ خطابات "حزب الله" والشيخ نعيم قاسم وتهديداته "للداخل" في حال اقتربت الدولة من "سلاحه المقدس" وتهديداته وحملاته على المملكة العربيّة السعوديّة ودورها في لبنان مِن خلال خطب المنابر وتلفزيون "المنار" وجريدة "الأخبار" وغيرها.
وعلى طريقة "الأفضل أن تأتي متأخّرة من ألا تأتي أبداً"، فإنّنا نرحّب بهذه الانعطافة المُثيرة للشيخ نعيم قاسم آملين أن تكون بداية الطريق في العودة الى كَنف الدولة وتسليم السلاح الى الجيش اللبناني، لأنّ هذا السلاح أوصلَ لبنان الى عكس مبرّراته.
فَبِسَبَب السلاح الذي افتتح "حرب الإسناد"، أعادت إسرائيل احتلال أجزاء من جنوب لبنان ودمّرت عشرات البلدات الحدوديّة وقَتَلَت وجَرَحَت عشرات الآلاف، واستباحت وما زالت تستبيح، كلّ يوم، كامل الأجواء اللبنانيّة، فتصطاد من تشاء من دون أن يكون لدى "الحزب" أي إمكانية لإطلاق رصاصة واحدة باتجاه المسيّرات الإسرائيليّة التي تطير ببطء وعلى علوّ منخفض، في أكبر تحدٍّ لسرديّة "المقاومة" و"وحدة الساحات" وقدرة "المحور" على إزالة إسرائيل من الوجود.
لا نعرف ماذا سيكون فحوى الخطاب المُنتَظَر في ذكرى اغتيال الأمينَين العامَين التاريخيّين والسابقَين لـ"حزب الله" في ٢٧ أيلول، لكن حِكَم التاريخ علّمتنا أنّ على المرء إن لم ينتصر، أن يعرف كيف يخسر.
فهل يتّعظون؟