هي ليست المرة الاولى التي تُفرِغ فيها إخبارية "الحزب" الورقية، سُيول التحريض وتَفيض بمقالات أشبه بأفلام "هيتشكوك"، بل تُضاهيها خيالاً وسورياليةً. واليوم، خَصَّصت مساحات كبيرة مِن صفحاتها للكشف عن "المُخطَّط"، وسرد تفاصيل دقيقة، نكاد معها نقتنع بأنَّ ما هو مكتوب، قد حصل فعلاً: مِن لقاءات في السفارة الأميركية، الى تعليمات أُعْطِيت الى "السياديين"، الى اجتماعات عُقدت في معراب بين "الحكيم" وفريقه، الى قصص اخرى، تستحق جائزة غينيس لأكثر قصة خيالية سخيفة!
تَتَشابه هذه المقالات والسرديات، بتقارير مُخبري المخابرات السورية، مِن اللبنانيين، إبَّان حُكم الوصاية السورية على لبنان، منذ ما بعد الطائف الى عام 2005. فَقَدْ اعْتاد صغارُ النفوس ومُنعدمو الاخلاق ولاهثو المراكز، اعتادوا اللجوء الى سلطة المخابرات السورية، لتصفية حساباتهم الشخصية او "العقائدية". فكانوا يُحرِّرون التقارير الزائفة بحق فلان او علان، وما يَلْبث ان يصبح هذا الفلان في "البوريفاج" او "عنجر"... أو في أي "مَصْيف" مِن "مَصايف" المخابرات السورية في لبنان، العاملة تحت أمْرة مَن "انتحر بخمس رصاصات"، ولاحقاً خَلَفَه "الدكتور في التاريخ".
لماذا جعجع بالذات؟ قد يكون لما يحمله بشخصه مِن إرث سياسي وعسكري، أو للحزب الذي يترأسه، وقد واجه أعتى المعارك، سياسياً وعسكرياً، دفاعاً عن لبنان الكيان، هويةً ودَوْراً. وقد يكون ايضاً، وخصوصاً، لأنه يُمثِّل اليوم رأس حربة المشروع المُناهض لمشروع الممانعة في لبنان. وهذا أمر، وفق قاموس "الاخبار" ونَهْجِها، خيانة عظمى، لا بُدَّ ان يَتَحاسب عليها يومياً، بمقالات وفبركات وسياقات، صارت مكشوفة وغير مُجدية، إلا انه "جهاد مقدس" مفروضٌ على أقلام الصحيفة تجاه "عملاء الداخل" و"صهاينة الداخل".
وتَكاد اليوم، أدوات الجهاد هذه، تُعطي "الحكيم"، ومعه كل السياديين والمعارضين، دَفْعاً قوياً للسير قُدُماً في مشروع مواجهة مشروع الممانعة، لان هذيان "الاخبار" دليلٌ على صحة الاتجاه، اتجاه البوصلة، نحو استعادة الدولة ودورها عبر مؤسساتها الدستورية، العسكرية والمدنية، وتطبيق "الطائف" وكل القرارات الدولية التي تحمي السيادة اللبنانية. هذه السيادة التي غابت عن قاموس وأدبيات الممانعة، بل -وفي سبيل ولاية الفقيه- تُنْتَهك كل سيادات الاوطان وكل كرامات الإنسان.
وَلَّى زمنُ "البوريفاج" الى غير رجعة. إلا أن فُلول أقلام "حزب إزالة إسرائيل مِن الوجود"، مُصِرُّون على استحضاره، وها هُم يَعيشون وَهْماً، لن يَستمر كثيراً، لأنهم سَيَسْتَيْقِظون على واقع مُغايرٍ تماماً... وقد لا يستيقظون!