الثنائي الشيعي: حفلة الكذب الوطني على أعتاب الانهيار الشامل

soune2e shi3e

كتب جوزيف بو هيا في موقع “LebTalks”:

مع كل أزمة سياسية أو أمنية تمر بها البلاد، يُعيد حزب الله ومحور الممانعة إنتاج نفس المسرحية المكررة: روايات شعبوية موجهة لجمهوره المغرر به، واستعراضات إعلامية تنضح بالكذب والتضليل، كأن الشعب اللبناني بكل أطيافه لا يزال غافلاً عن حقيقتهم. في الأيام القليلة الماضية، شهدنا مشهدًا جديدًا من هذا العرض الهزلي البائس، حيث ظهر الحزب في دور الضحية البطولية، مدفوعًا بحساباته الإقليمية، ومكبّلاً بجراحه السياسية والعسكرية والاقتصادية.

العودة إلى القرى: تزييف الحقيقة واستغلال الألم

بعيدًا من الرواية المزخرفة التي يحاول إعلام الممانعة تسويقها عن “عودة طوعية” للناس إلى قراهم، فإن الحقيقة تبرز عكس ذلك تمامًا. الثنائي الشيعي يدفع بالناس إجبارياً إلى قراهم كمن يقود قطيعاً بلا إرادة، متجاهلاً حقيقة أن هذه العودة لم تُبنَ على أسس آمنة أو مستدامة ولا منازل متبقية لعودة الناس إليها. هدف الثنائي وراء هذا “الاستعطاء السياسي” هو إعادة تقديم نفسه على الساحة اللبنانية كلاعب رئيسي، عبر استغلال معاناة أهله وتحويلها إلى ورقة ضغط على العهد الجديد ورئيس الحكومة المكلف ليأخُذ ما يطلبه من مقاعد وزارية وتكريس حصته الحزبية.

لا يمكن لهذه العودة أن تخدع أحداً، فالجميع يدرك أن الحزب، المأزوم داخلياً وخارجياً، يحاول شراء الوقت وتهدئة قواعده الشعبية التي أنهكتها مغامراته العسكرية وتضحياته العبثية. يُدرك الحزب أنه فقد الكثير من شرعيته، حتى داخل بيئته الحاضنة، وأن المسرحيات التي يديرها، مهما حاول تجميلها، باتت مكشوفة حتى لمن كان يدعمه من دون سؤال.

الجيش اللبناني: خط الدفاع الأول والمستهدف الدائم

في خضم هذا المشهد، لم يسلم الجيش اللبناني من محاولات التشويه والإضعاف. هو المؤسسة الوحيدة التي أثبتت عبر السنوات قدرتها على الوقوف فوق الاصطفافات الطائفية والسياسية، ورغم ذلك، يتعرض الجيش بشكل منهجي لضغوط هائلة من الثنائي الشيعي وحزب الله خاصةً. من التشكيك في قراراته إلى الاستقواء عليه في الميدان، الهدف واضح: تحجيم الجيش اللبناني وإظهاره كطرف عاجز، فقط لإبقاء حزب الله في موقع القوة المطلقة.

لكن، وبالرغم من هذه المحاولات، يدرك الشعب اللبناني أن الجيش هو العمود الفقري لاستقرار البلاد، وأن أي استهداف له هو استهداف مباشر لمستقبل لبنان كدولة. في المقابل، يُمعن الحزب في تقويض مؤسسات الدولة، من الجيش إلى القضاء، فقط لحماية سلاحه ومشروعه الذي بات عبئاً على الجميع.

حزب الله: من المقاومة إلى الاستعطاء السياسي

ليس سراً أن حزب الله يعيش اليوم أسوأ مراحله منذ تأسيسه. آلاف الضحايا التي فقدها في مغامراته العبثية في سوريا واليمن والعراق وحرب إسناد فارغة، مع انهيار صورته “المقاوِمة” داخل لبنان وخارجه، جعلته يترنح على حافة الهاوية. الحزب الذي اعتاد تقديم نفسه كقوة لا تُقهر، بات اليوم يستجدي الحلول السياسية والاقتصادية من خصومه وحلفائه على حد سواء.

إن انتصارات حزب الله المزعومة تحولت إلى سلسلة من الكوارث التي يدفع ثمنها الشعب اللبناني بأسره. الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تسبب بها بشكل مباشر وغير مباشر عبر سيطرته على مفاصل الدولة، والتورط في حروب خارجية لا مصلحة للبنان فيها، وسياسته المتهورة في الداخل، جعلت لبنان بلداً مهدداً بالزوال.

حفلة الكذب الوطني: الجمهور لم يعد يصفّق

حفلة التكاذب التي يديرها حزب الله والثنائي الشيعي لم تعد تنطلي على معظم اللبنانيين. الشعب، الذي خبر الحزب لعقود، يدرك أن كل خطاباته وشعاراته لا تخدم سوى مشروعه الخاص المرتبط بإيران، وأنه لا يكترث فعلياً بحياة الناس أو معاناتهم اليومية. الحديث عن “النصر الإلهي” و”الكرامة الوطنية” بات مثيراً للسخرية في ظل واقع صعب يعيشه اللبنانيون يومياً.

لقد أصبح من الواضح أن الحزب لا يبحث عن حل حقيقي للأزمة اللبنانية، بل يسعى لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، إلى زمن كان فيه القوة المطلقة التي تُملِي إرادتها على الجميع. لكنه اليوم أضعف من أي وقت مضى، والمسرحيات التي يعيد إنتاجها لن تعيده إلى موقعه السابق.

الرهان على معادلة عون-سلام

ما يحدث اليوم في لبنان هو فرصة لإعادة رسم المعادلة الوطنية. الشعب اللبناني، بمختلف طوائفه ومناطقه، يدرك اليوم أن مشروع حزب الله لا يخدم سوى طموحاته الإقليمية، وأن الحل يكمن في استعادة الدولة من قبضة السلاح والمصالح الضيقة. 

الرهان الحقيقي هو على وعي اللبنانيين الذين يأملون من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أن يضعوا أول مدماك من مداميك الجمهورية القوية. الدستور اللبناني هو الأساس لبناء الجمهورية المبنية على سيادة القانون والمساواة بين جميع اللبنانيين، وهو السبيل الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم.

الثنائي الشيعي يعيش مرحلة السقوط الحر، وكل محاولات الترقيع السياسي والإعلامي لن تغير من هذه الحقيقة. الشعب اللبناني، الذي أنهكته الأزمات، لن يقبل أن يكون وقوداً لمغامرات الحزب بعد اليوم ويجب أن يطالب بمحاسبة الحزب على قراراته الفاشلة. فالمرحلة القادمة يفترض أن تكون مرحلة المحاسبة، ولا مكان فيها لمن استهتر بحياة الناس وحقوقهم واستمر في اختلاق الانتصارات الوهمية. الوقت حان للبنان أن يتحرر من قبضة السلاح والفوضى، وأن يستعيد مكانته كدولة حرة ومستقلة تعيش من أجل شعبها، لا على حسابه.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: