وجّه حزب الله كتاباً مفتوحاً إلى الرؤساء الثلاثة، عرض فيه "الحزب" رؤيته إزاء الوضع الراهن، بخصوص التفاوض مع إسرائيل، مؤكداً أن "الوقت الراهن هو لتوحيد الجهود من أجل وقف الانتهاكات والعدوان والتمادي الصهيوني ضد بلدنا ودفع المخاطر الأمنية والوجودية عنه". وأكد في البيان "حقنا المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان والوقوف إلى جانب جيشنا وشعبنا لحماية سيادة بلدنا، ولا يندرج الدفاع المشروع تحت عنوان قرار السلم أو قرار الحرب، بل نمارس حقنا في الدفاع ضد عدو يفرض الحرب على بلدنا ولا يوقف اعتداءاته، بل يريد إخضاع دولتنا".
لا ريب أنّ بيان حزب الله جاء بالاتفاق المسبق مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، شريكه في الثنائية الممثِّلة للمكون الشيعي في السياسة اللبنانية. كما أن البيان شمل نقاط عدة ورسائل، تراوحت لهجتها بين المهادنة والتصعيد المدروس. إلا أنه حرص على تأكيد التزامه وقف النار وتنفيذ ما صدر عن الحكومة اللبنانية والتي قررت إنّه و"اعتبارًا من الساعة الرابعة فجر الأربعاء 27/11/2024 فصاعدًا، ستمنع حكومة لبنان حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية من تنفيذ أي عمليات ضدّ إسرائيل، وإسرائيل لن تقوم بأي عمليات عسكرية هجومية ضد الأراضي اللبنانية، بما في ذلك الأهداف المدنية أو العسكرية أو غيرها من الأهداف التابعة للدولة، عن طريق البر أو الجو أو البحر".
ليقول "الحزب" من خلال ذلك إنّه التزم بعدم خرق الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه، وإنّه لم يطلق أي عملية في مواجهة إسرائيل تنفيذاً لقرار الحكومة اللبنانية.
اللافت أيضاً في البيان، بل الجديد في لغة "الحزب" وأدبياته، قوله أنه يتحدث "بصفتنا مكوّنًا مؤسّسًا للبنان الذي التزمناه وطنًا نهائيًا لجميع أبنائه"، مؤكداً "حقّنا المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان والوقوف إلى جانب جيشنا وشعبنا لحماية سيادة بلدنا، ولا يندرج الدفاع المشروع تحت عنوان قرار السلم أو قرار الحرب، بل نمارس حقّنا في الدفاع ضدّ عدوّ يفرض الحرب على بلدنا ولا يوقف اعتداءاته بل يريد إخضاع دولتنا".
أما فيما خصّ المفاوضات، فقد خرج البيان بصيغة هجينة، حين اعتبرها بانها "التورّط والانزلاق إلى أفخاخ تفاوضية مطروحة، ففي ذلك المزيد من المكتسبات لمصلحة العدوّ الإسرائيلي الذي يأخذ دائمًا ولا يلتزم بما عليه، بل لا يعطي شيئًا. ومع هذا العدوّ المتوحّش والمدعوم من الطاغوت الأميركي لا تستقيم معه مناورة أو تشاطر. إنّ لبنان معنيّ راهنًا بوقف العدوان بموجب نصّ إعلان وقف النار والضغط على العدوّ الصهيوني للالتزام بتنفيذه، وليس معنيًا على الإطلاق بالخضوع للابتزاز العدواني والاستدراج نحو تفاوض سياسي مع العدوّ الصهيوني على الإطلاق".
يمكن من هذه العبارات فهم موقف "الحزب" غير الرافض بالمطلق للمفاوضات مع إسرائيل، وهو صاحب السوابق في ذلك، بل وكأنه يشترط شكلاً معيناً للتفاوض، كي لا يضع نفسه في مواجهة رئيس الجمهورية الداعي الى التفاوض. كما أن "الحزب"، وحين تركيزه على مسألة وقف العدوان، فإنه يشير الى "الميكانيزم" كإطار مقبول منه للتفاوض، بغض النظر عن "تطعيم" الوفد المفاوض بمدنيين أو غيره.
في المحصلة، وبواقعية، لم يكن يُنتظر من "الحزب" الخروج ببيان أقل حدة ولهجة، خصوصاً أنه يتعرض يومياً لاستهدافات مباشرة لقيادييه ومراكزه، في استنزاف لقدرته على المواجهة، مواجهة بيئته الثكلى، أولاً.
فهل يمكن تصنيف البيان بأنه "صك استسلام مُقنَّع"؟